الكعكة الضائعة!

TT

«يا طالع الشجرة هات لي معاك بقرة

تحلب وتسقيني بالملعقة الصيني»

حينما أنشدنا هذه الأهزوجة صغارا، كنا على يقين بأن الأشجار يمكن أن تنبت أبقارا، وكبرنا فأشغلنا صراع الثيران في الأرض عن التفكير في الأبقار التي على الشجرة!

***

«من جد وجد، ومن زرع حصد»

لم يزل معلمو الصفوف الدراسية الأولى في المدارس العربية يتمسكون بتلقين تلاميذهم تلك المقولة، وتمضي قوافل الأعوام، ويكبر الصغار، فيكتشفون أن ثمة أطرافا كثيرة تتآمر على عدالة النظرية، وهم يرون الذي حصد غير الذي زرع، والذي وجد غير الذي جد!

***

من الأهازيج التي تغنيها الأمهات العربيات لأطفالهن قبل النوم أهزوجة شهيرة تقول كلماتها:

«سيدي سافر مكة جاب لي زنبيل كعكة

والكعكة عند الفران والفران يبغى الفلوس

والفلوس جوا الصندوق والصندوق ما لو مفتاح»

وهكذا تستمر الأهزوجة في الإحالات المعقدة حتى يصاب الطفل بالإحباط، ويستسلم للنوم بدلا من انتظار «الكعكة» المستحيلة، وحينما يكبر الأطفال العرب يكتشفون أن حياتهم تشبه تلك الأهزوجة، وأن بينهم وبين «كعكة» الأمنيات الكثير من التعقيدات، فيلوذون بالنوم من جديد.

***

قبل ظهور إنفلونزا الطيور كانت أشهر أغنيات المهد الشائعة في عدد من الأقطار العربية مع فارق بسيط في بعض الكلمات هي:

«يا رب يرقد يا رب ينام وأذبح له جوزين حمام»

وينام الطفل وتمتلئ أحلامه بأسراب الحمام، وحينما يكبر يكتشف أنه تلقى الكذبة الأولى مبكرا!

***

«خديجة غداء غداء»

كانت أمي تصر أن طائر النغري السجين في القفص كلما جاع نادى على خديجة كي تحضر له الغذاء، وأثناء زيارة لإحدى الدول الغربية شاهدت ذلك الطائر المهاجر يغرد بنفس النغم الذي كانت أمي تتخيله يقول «خديجة غداء غداء». لم أتشكك في صحة ما رددته أمي، ولكنني حزنت على ذلك الطائر المسكين الذي أودت به الأيام لكي يعيش بين قوم لا يفهمون لغته، ولا توجد بينهم خديجة لكي تسارع إلى تقديم وجبة غذائه.

[email protected]