بل أنت لا الدهر!

TT

في كل برامج الرأي تجد نغمة واحدة: أن الأغنيات هبطت، أي كانت فوق ثم انحطت. الكلام واللحن والأداء. فالشاعر الغنائي لم يعد يهمه الذوق والأدب والرقة.. وإنما أن يزن الكلام بالتراب، وكان قبل ذلك يوزن بالذهب. كانت الأغنيات عصافير وبلابل في السماء.. أما الآن فهي طيور داجنة، تتمسح بالأرض وتثير التراب والقرف منها، شاعرا وملحنا ومطربا. لماذا؟

هل تغير الذوق العام؟ وبذلك يكون الذوق العام هو الذي هبط وسقط. فالشاعر صدى زمانه.. أو هل هو الزمن الذي أخرس القلب وأطلق اللسان؟

أغنية تقول: الله يخرب بيتك والبيت اللي جوار بيتك - حالة من الغضب انتابت العاشق الغيور..

أغنية تقول: أشوف فيك يوم.. أي أشمت فيك ومما سوف يصيبك في المستقبل.. فإذا حدث فسوف أستريح تماما..

وأغنية تقول: في كل يوم لك حجج.. يا أخي أرح نفسك وأرحني. وأقول: إن أمك هي السبب.. وربنا ياخد اللي كان السبب! يعني ربنا ياخد أمك ويريحني منها ومنك..

تصور!

وأغنية تقول: إن كل شيء قد انتهى. وكانت نهاية سيئة ونهاية سعيدة.. المهم أن الذي بيننا قد انتهى وأنت تستاهل كل ما سوف يجري لك..

والكورس يقول: اللهم آمين.. اللهم آمين..

وعشرات من السقطات الموسيقية الموزونة.. لا هي غناء.. وإذا كانت غناء فليست طربا.. وإذا كانت طربا فهي تدعو إلى الانهيار في الذوق وفي التعبير..

زمان، الله يرحم زمان، قال أبو فراس الحمداني وغنت أم كلثوم:

فقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا

فقلت: معاذ الله.. بل أنتِ لا الدهر!