في سلسلة الإدانات

TT

إلى أي مدى يفيد القضية الفلسطينية، وقوف الكتاب الإسرائيليين، أولا ضد ممارسات وسياسات إسرائيل، وثانيا مع القضية العربية؟ في المرحلة التي سيطرت فيها الثورة الفلسطينية على الحركة الدبلوماسية العربية، أعطيت هذه المسألة أهمية كبرى. وسواء كانت الفكرة فكرة ياسر عرفات نفسه، أو كانت فكرة بعض مستشاريه، فقد شدد هو كثيرا على ذلك. وبعد الخروج من بيروت دخلت المقاومة في شتات كبير، وفقدت الكثير من زخمها الإعلامي، ولم يعد أحد يهتم بمن يقف ومن لا يقف، إلى جانب القضية الفلسطينية من الأميركيين، والغربيين عامة، والإسرائيليين.

لكن ذلك لم يغير أيضا في مواقف بعض النخب السياسية والأكاديمية، الإسرائيلية واليهودية، من حكومتها. فهي لم تكن تهدف إلى إرضاء العرب، بقدر ما كانت تعبر عن موقف مبدئي. وعندما عزل أبو عمار في «المقاطعة»، وجلس في الشمس وحيدا، ينتظر أي زائر عربي، لم يأت «للاعتصام» معه سوى وفد إسرائيلي برئاسة يوري أفنيري، أحد أوائل الكتاب الإسرائيليين الذين وقفوا ضد حكوماتهم المتعاقبة.

أحد أبرز الأكاديميين المعارضين، كان ولا يزال آفي شلايم، الأستاذ في أوكسفورد، وصاحب «أسد الأردن»، التي ربما كانت أهم السير الشخصية التي وضعت عن الملك حسين. وفي كتابه الأخير «إسرائيل وفلسطين: إعادة نظر وتصحيحات» يجمع شلايم مع نشره خلال 15 عاما مطالعات نقدية للسياسة الإسرائيلية.

العام 1948 قال مسؤول بريطاني، وهو ينحي باللائمة على أميركا في إقامة إسرائيل، إن الدولة الجديدة «هي دولة غانغستر». ويعلق شلايم على ذلك بالقول: «كنت أعتقد أن في هذا الحكم شيئا من القسوة، لكن هجوم إسرائيل الوحشي على غزة، وتواطؤ إدارة بوش معها، جعلاني أعيد النظر».

كتب شلايم هذا الكلام قبل أشهر من الإدانة التي صدرت عن يهودي بارز آخر، هو القاضي الجنوب أفريقي السابق، ريتشارد غلادستون، الذي وضع تقريرا من 500 صفحة يتهم فيه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. وأثار التقرير حملة معادية من إسرائيل وأميركا، حيث يتعرض كتاب شلايم أيضا للنقد الحاد. وكان قد واجه حملة مماثلة عندما صدر كتابه «الجدار الفولاذي: إسرائيل والعالم العربي». الذي كان أول توثيق شبه رسمي للأعمال الصهيونية في إقامة إسرائيل.

وكشف شلايم، استنادا إلى الوثائق الحكومية التي تم الكشف عنها، ما أخفته إسرائيل من حقائق وما زورت من وقائع، ملخصا موقفه بالقول: «أعتقد أن قيام دولة إسرائيل ألحق ظلما رهيبا بالفلسطينيين. لكنني أقبل بقاء إسرائيل ضمن حدود 1967».