ما أظرف التعذيب!

TT

أشرت في مقالات سابقة إلى ظاهرة الجوع كمصدر للفكاهة في التاريخ العربي، ماضيا وحاضرا، وأعتقد مستقبلا أيضا. ولكن في البلدان التي لم تذق من الجوع ما ذاقته شعوبنا، حلت محل الجوع ظاهرة القمع والتعذيب المخابراتي. ازدهرت هذه النكات المخابراتية في ظل الأنظمة الديكتاتورية الحديثة.

من أشهر هذه النكات ما ورد عن الـ«كي جي بي». تم العثور على الهيكل العظمي للقديس سريل والقديس مثوديوس اللذين يقدسهما سكان سلوفاكيا بصورة خاصة. ولكن تعذر التمييز بين الهيكلين، أي منهما لسريل وأيهما لمثوديوس. فاستنجدوا بعلماء الـ«كي جي بي». عادوا بالهيكلين بعد بضعة أسابيع وقد حسموا الموضوع وحددوا هيكل كل واحد منهما. ولكن عندما فتح السلوفاك التابوت وجدوا الجمجمة مهشمة والأضلاع مكسرة. سألوا الـ«كي جي بي»، كيف عرفتم أن هذا هو هيكل سريل؟ فأجابوهم بأنهم حصلوا على اعتراف منه بذلك!

رويت الحكاية فيما بعد عن شتى المواقف والأنظمة الديكتاتورية، ومنها اليونان في عهد الحكم العسكري ومصر في عهد عبد الناصر. قالوا إن المنقبين عثروا على مومياء حاروا في هويتها. ألح عليهم عبد الناصر في أن يكتشفوا لمن تعود من ملوك الفراعنة. عجز العلماء عن تحديد ذلك فسلموها للمخابرات المصرية التي أعلمت سيادة الرئيس باسم الملك بعد يومين من الضرب.

نعم لنا مكاننا في هذا الشأن. فمن يتفوق علينا في العالم كله في فنون التعذيب؟ انبرى الظريف العربي فقال إن الرئيس بوش التقى بالمستر بلير وزعيمين عربيين في أحد المؤتمرات العالمية في أفريقيا. قرروا أربعتهم الخروج للاسترواح في صيد الكنغرو. هكذا اقترح بوش دون أن يعلم أنه لا يوجد كنغرو في أفريقيا، فهو لا يعرف شيئا عن أي شيء خارج أميركا. المستر بلير كان يعرف أنه لا يوجد كنغرو في أفريقيا ولكنه سكت لأنه لا يجرؤ على مناقضة الرئيس الأميركي بأي شيء. أما الزعيمان العربيان فلم يعرفا ما هو الكنغرو.

لم يعثروا على هذا الحيوان الاسترالي فقرر بوش أن يستنجد بالأقمار الاصطناعية. بعث بمرافقه ليتصل بها، ولكنه عاد بعد عشر دقائق خائبا. تطوع توني بلير فكلف سكوتلاند يارد بأن تبحث عنها. أخبروه بعد نصف ساعة أنهم لم يعثروا على أي كنغرو في أفريقيا. جاء دور الزعيم العربي فحمل كيسا من الدولارات ودخل الغابة. عاد بعد ساعة واحدة، ولكن بدون كنغرو وبدون الدولارات أيضا. أخيرا جاء دور الزعيم العربي الآخر فبعث بأحد ضباط مخابراته ليبحث عنها. توغل في الغابة واختفى لساعات وساعات حتى قلق عليه الرئيس بوش وتخوف أن تكون التماسيح قد أكلته. خرجوا يبحثون عنه. راح الزعيم الأول يصرخ بأعلى صوته وينادي عليه: «محمد! وينك يا محمد»! أخيرا وجدوا ضابط مخابرات الزعيم العربي الثاني وقد أمسك بزرافة وشدها من عنقها الطويل بشجرة يوكالبتوس يضربها بكرباج قوي ويصرخ فيها: «اعترفي! اعترفي أحسن لك وقولي أنا كنغرو»!