أنف وأذن وعين: إنها ألغاز!

TT

الفنان الهولندي فان غوخ - ينطقونه فان - في خناقة مع صديقه غوغان أمسك موس الحلاقة وقطع جانبا من الأذن. طبيعي أن يحدث ذلك. فهو مريض عقليا شاذ جنسيا. أدخلوه مستشفى الأمراض العصبية أكثر من مرة. وأروع لوحاته هي التي رسمها في المستشفى وحولها. وقد باع من كل لوحاته على مدى حياته لوحة واحدة. أخوه كان سمسار لوحات فنية.. والمؤرخون يرون أنه كان في حالة من حالات الصرع عندما قطع أذنه.. ولكن مؤرخا حديثا اكتشف أن سبب قطعه لأذنه أنه علم أن أخاه الأكبر سوف يتزوج. إذن لن يساعده ماديا. ووجدوا رسائل بخط الفنان تدل على ذلك!

أما أنف كليوباترة. فلم يحدث له شيء على الإطلاق. إنما أنف كليوباترة جاء في عبارة للمفكر الفرنسي باسكال. قال: إن أنف كليوباترة قد غير التاريخ. وهو يقصد أن أنفها أو شفتيها أو هي كلها قد غيرت التاريخ.. أو بعبارة أخرى أن أشياء صغيرة من الممكن أن تكون سببا في أحداث كبيرة.. أما عين نفرتيتي. فتمثالها الموجود في برلين بعين واحدة. واختلف العلماء في تفسير ذلك. قالوا إن الفنان الذي أبدع التمثال كاد يكمله لولا أن هاجمه اللصوص فترك التمثال دون أن يضع العين في محجرها. وقالوا: بل أراد الفنان أن يقول إن نفرتيتي تنظر إلينا بعين واحدة. ولو نظرت بالاثنتين معا لأصابتنا بالجنون. وقالوا: لعل الفنان أراد أن يقول إن نفرتيتي ليست في حاجة إلى العين الثانية لتزداد جمالا. ومع ذلك فقد أعجب العالم بعنقها الدقيق الجميل وهذا العنق هو الذي أكد لنا أنها ليست لها أصول مصرية. إنها أجنبية. وقيل أيضا إن هناك أسطورة تقول إن التمثال الناقص أطول عمرا من التمثال الكامل. وإنه لا يوجد شيء كامل في الفن أو في الطبيعة؛ فالكمال لله وحده. وقيل إن الفنان أحس في لحظة بأنه خالق مبدع. وهذه قمة الغرور. فعاقب نفسه بأن ترك التمثال ناقصا يتحدث عن نفسه. ولو وضع الفنان العين الثانية في مكانها ما أرهق العلماء أنفسهم في البحث عن الأسباب..

وكما كانت نفرتيتي جميلة جدا، لم يثبت تاريخيا أن كليوباترة كانت جميلة.. بل إن صورها على المجلات المعنية تشير إلى أنها كانت دميمة. ولكنها في غاية الذكاء. وقالوا إنها تعرف عشرين لغة من بينها العبرية! ولكن من المؤكد أنها كانت فاتنة جذابة شديدة الذكاء. وأنها من أجل مصر وعرشها أطاحت برؤوس وعروش.. ونحن لا نعرف الحقيقة كاملة ولكن الذي صنعه الأدباء والشعراء والمؤرخون تستحقه كليوباترة. هم الذين جعلوها ساحرة الأنف والأذن والعنق. تماما كما فعل الشاعر الإنجليزي العظيم شكسبير بحكاية أو أسطورة روميو وجولييت، فلولاه ما كانت هذه الأسطورة الرومانسية البديعة. فالحقيقة هي متواضعة جدا. أما الفن فهي عبقرية الشاعر العظيم!