جاءوا يبحثون لنا عن حل!

TT

قبل عشرين عاما كنت في زيارة إلى جزيرة تايوان.. أو الصين الصغيرة «المودرن». وأهل تايوان بمساعدة الأميركان يريدون أن ينفصلوا عن الصين الأم. ولكن لن يستطيعوا ذلك. فالصين دولة عظمى بكل المقاييس. وفي تايوان رأيت هذه المقدرة الفذة على «تقليد» كل ما يصنعه الغرب. حتى يصعب عليك أن تفرق بين الساعات الأصلية والساعات المقلدة.

كنت أتفرج في أحد محلات الساعات. وسألني البائع أن يرى الساعة التي في يدي. وهممت بخلعها. فإذا به يقول لي: لا تفعل ذلك أبدا. وفتح الدرج أمامه. وأخرج عددا من الساعات كالتي في يدي.. لا فرق إطلاقا، لا في الشكل ولا الوزن ولا الذهب!

وفى جلسة علمية قالوا لي: إنهم يستخدمون علوم الهندسة الوراثية في تطوير أحجام السمك الجمبري. وإنهم كانوا ينقذون ملايين الجمبري سنويا، لأن الجمبري يهرب منهم إلى المياه الدولية، حيث ينتظره الصيادون اليابانيون. واستطاعوا أن يتدخلوا في سلوك الجمبري فبدلا من أن يتجه إلى المياه الدولية، فإنه يرتد إلى المياه الإقليمية. وقالوا لي إن أحد علمائهم قد نجح في تغيير حجم الأسماك المصرية - شكلا ولونا ووزنا - وإنهم يريدون أن يجيء إليهم علماء مصريون ليروا ويتعلموا!

ويومها اتصلت بالرئيس مبارك. فطلب مني أن أتحدث في ذلك إلى وزير الزراعة. وذهب وفد مصري إلى تايوان. وعاد. ولكن فوجئت بأن أحد علماء تايوان كان في القاهرة وسألني: ماذا فعل العلماء المصريون؟ فقلت: لا أعرف. فقال: ولا نحن!

لم أفهم. واستوضحته فقال: ما دام هؤلاء العلماء لم يكتبوا بحثا ولم ينشروه في المجلات العلمية. فكأنهم لا راحوا ولا جاءوا. ولذلك يطلبون وفدا جديدا يقول لهم ماذا حدث. لأنهم لم يجربوا ماذا تفعله هذه الأسماك إذا عادت إلى بلادها. إنهم يريدون أن يعرفوا. وحاولت أن أعثر على الوفد المصري الذي ذهب إلى تايوان، لم أجد أحدا في مصر. ثلاثة هاجروا إلى كندا والرابع إلى الخليج.

ووجدوا أن الحل الوحيد هو أن يوفدوا عددا من علمائهم إلى مصر والخليج ليتحروا هم بأنفسهم عما لم يفعله علماء هذه البلاد.. وهي كما ترى قصة السلبية الشرقية والعربية!