انفجار الطائرة بريء أم مشبوه؟

TT

لأن الطائرة الإثيوبية انفجرت في فضاء لبنان (15 كيلومترا فقط من ساحل بيروت)، ولأنه لم تكن هناك عواصف هائلة، ولم يشهد أحد برواية الصواعق، إضافة إلى أن كل ما نسب إلى برج المراقبة من أن الطيار ارتكب أخطاء في مسار الطائرة جغرافيا قول لا يعقل أنه تسبب في تفجير الطائرة، ولأن الطائرة «بوينغ 737» مميزة بتقنيتها المتطورة، وفوق هذا كله لأنه كان يوجد على متن الطائرة المنكوبة راكبة واحدة مهمة هي زوجة السفير الفرنسي في بيروت مارلا سنشيز، في وقت تصعد فرنسا لهجتها إقليميا، كل ما ذكرته مبررات تفرض طرح العديد من الأسئلة المتوجسة فيما إذا كانت الكارثة بريئة أم لا. وزد على ذلك أن إثيوبيا نفسها أصبحت مستهدفة من الجماعات الأصولية الإرهابية.

الرئيس اللبناني ميشال سليمان حسم الأمر قبل أن يبدأ التحقيق فاستبعد وجود عمل تخريبي وراء سقوط الطائرة الإثيوبية فوق بحر بيروت. ويعزز ظنه عدم وجود ما يشير إلى عمل تخريبي، ولم يصدر بيان من تنظيم إرهابي يعلن مسؤوليته. ورغم قوة الشكوك على الجانبين؛ الواثق بأنه حادث والآخر المتشكك في كونه بسبب عمل إرهابي، فإن القول الفصل سيأتي مع انتشال الصندوق الأسود الذي سيثبت إن كان هناك خطأ تسبب في سقوط الطائرة والحادثة المروعة، أم سيضطر المحققون للبحث عن الإجابات للمزيد من الأسئلة المشككة في طبيعة سقوط الطائرة الإثيوبية بعد خمس دقائق فقط من إقلاعها.

إحصاءات كوارث الطيران تؤكد أن معظم الحوادث أخطاء بشرية أو فنية، والعمل التخريبي أو الإرهابي قليل بينها، لكن بسبب تحول الطيران إلى جبهة حرب أولى في العمل الإرهابي فإن مجرد انفجار طائرة في أي مكان في العالم يدفع إلى الواجهة فورا البحث فيما إذا كان عملا مدبرا. ومن المؤكد رغم التطمينات الصحافية، والصمت الرسمي من الأطراف الأخرى، فإن البحث سيكون أولا في مسألة التخريب والتفجير وستتم مراجعة الحادثة بتفاصيلها الدقيقة. وككل حوادث الطيران الأخرى الكبيرة يبقى الأرجحَ سبب بريء، لكنه لن يحول دون توجس الكثيرين في هذه الفترة تحديدا مع ارتفاع درجات الإنذار في أنحاء العالم حيال الإرهاب واستهداف الطيران بالذات. ولم يفتنا أن نلاحظ مسارعة مكتب التحقيق الفرنسي بالمشاركة الفورية في التحقيقات اللبنانية، مما يعزز وجود مخاوف وراء ما حدث استوجب إشراك الجانب الفرنسي فيه بكامل تفاصيله. وبحكم حجم المأساة حيث قتل نحو تسعين شخصا، وفنيت عائلات بأكملها، فإن البحث عن إجابات شافية سيكون ضرورة للأيام المقبلة ولن تطفئه مطالب الحكومة اللبنانية بالتزام الصمت حتى تظهر النتائج الفنية.

كل ما نرجوه أن هذه المأساة لا تخرج عن كونها حادثا بريئا لأن لبنان، والمنطقة عموما، لا تحتمل المزيد من الاتهامات والمخاوف والاحتياطات الإضافية، عدا أن المناخ السياسي في لبنان لم يكتمل تعافيه بعد.

[email protected]