الجزائر ومصر.. مصالحة أم تصفية حساب؟

TT

الدنيا ضيقة، وصغيرة، ولا تمكن أحدا من تجنب رؤية الآخر، وأفريقيا - هذه القارة السمراء على اتساعها - لم تستطع أن تفصل بين المنتخبين الجزائري والمصري ولو لبضعة شهور حتى تهدأ النفوس، وتستريح الخواطر، فوضعتهم من جديد وجها لوجه، قبل أن تبرد النار التي أشعلها مجانين الكرة، ولا تزال آثارها باقية في النفوس، فالمبالغات الإعلامية التي وصلت إلى حد الشحن النفسي لم تزل تلقي بثقلها على جماهير المنتخبين، وليكن الله في عون «أنغولا» المستضيفة لكأس الأمم الأفريقية إذا ما خرج بعض الإعلاميين عن النص، واستمروا في تعبئة الجماهير الجزائرية والمصرية بنفس الطريقة الخاطئة ليحولوا كرة القدم إلى كرة من لهب.

وهي فرصة اليوم لعقلاء الإعلاميين من الجانبين لتسلم زمام المبادرة، ورأب الصدع، وتهدئة الخواطر، وتعزيز إيجابيات العلاقة لتسمو فوق ما تأتي به نتائج الكرة. ليكن اللقاء القادم لقاء مصالحة، بصرف النظر عمن سيتأهل لنهائيات البطولة، ومن سيغادرها دون لوم أو حرج، فكلاهما قدم صورة رائعة لمستوى الكرة في بلاده.

اللقاء القادم بين الجزائر ومصر يمثل في حد ذاته قمة الكرة العربية الأفريقية، وعلى المسؤولين في البلدين ألا يتيحوا لمحترفي الإثارة المجانية على شاشات القنوات، وصفحات الجرائد أن يفسدوا متعة هذا العرس الكروي العربي الكبير كما أفسدوا ما قبله بتوتير الأجواء، وشحن الغوغاء.

تلك هي أمنياتنا للقاء مصر والجزائر، وتبقى حظوظ المنتخبين في الفوز متقاربة، ولا يمكن لأي منهما الادعاء بأنه الأفضل من الآخر، فكلاهما وصل إلى هذه المرحلة بشق الأنفس، فلم يكن مشوارهما سهلا، ولم تفلت الجزائر بسهولة من «فيلة» ساحل العاج، ولا مصر من «أسود» الكاميرون، فكلاهما قام بنوع من الانتفاضة لتحقيق انتصاره، ولذا فإن المباراة التي ستجمعهما، هي مباراة بين مدربين اشتعل رأساهما - في الملاعب - شيبا: المعلم شحاتة، ورابح سعدان، فسعدان يؤكد أنه يعرف المنتخب المصري، و«شاربه» جيدا، وهذا يفرض على المعلم شحاتة - مدرب المنتخب المصري - أن يغير من أسلوبه أمام الجزائر، بتمزيق ورقة الكربون التي لعب بها مبارياته السابقة، وإعادة ترتيب الأوراق لمفاجأة سعدان، وألا ينتظر هدفا يلج مرماه ليشتعل متأخرا، فلاعب شاب محظوظ وموفق مثل محمد ناجي «جدّو» ينبغي أن يشارك من بداية المباراة، فالتوفيق الذي حالف مشاركاته السابقة من شأنه أن يضعه في أقصى حالات الاستعداد النفسي للمزيد من التألق، فهل يتمكن المعلم شحاتة من الإفلات من الفخاخ التي نصبها سعدان بتغيير خططه أم أن رأس سعدان جاهزة لكل الاحتمالات؟

دعونا ننتظر لنرى من يضحك أخيرا هذه المرة في أنغولا.

[email protected]