حزن صباح الأحد

TT

ضباب في الخارج والصفر يتطلع من فوق إلى درجة الحرارة وينادي على المزيد من الرياح. وفي الماضي، كان كل ذلك يبدو من أمارات السعادة، إذا كان الوقت هو صباح الأحد. فهذا يعني أنك سوف تمضي النهار مع العدد الأسبوعي من «النيويورك تايمس». وبعد أن ترمي جانبا القسم الاقتصادي وقسم العقارات، وقسم الرياضة، وقسم «المدينة»، وقسم «المحليات المجاورة». ومعها عشرات الملاحق الإعلانية الملونة، سوف تبقى مع القسم الدولي، وقسم الرأي، وقسم الكتب، وأجمل هدايا العدد: المجلة الأسبوعية الملونة. وكانت قراءة هذه المواد، في الماضي، تستغرق متعة النهار كله. وليفعل الصفر في الخارج ما يشاء، على الأرصفة وفي الحدائق وعلى رؤوس الشجر. والحقيقة أن الكائنات الوحيدة التي يعنيني أمرها كثيرا، هي عصافير مدخل المبنى المجاور. إني لا أراها أبدا، لكنني كلما مررت من هناك، في الليل أو في النهار، أسمعها تغني مجانا لجميع المارة. إلا عندما يهبط الصفر على المدينة. لا أعرف إلى أين تذهب لتدفأ.

شهدت من قبل زوال الراديو وحلول التلفزيون ثم زوال التلفزيون وحلول الفضائيات، بشتائمها وصراخها ورفعها الحرية على أحذية. وشهدت زوال الكتاب الإذاعيين العظام مثل طه حسين واليستير كوك. وشهدت زوال عصر المجلات وكبار المحققين مثل سمير شاهين وسليم زبال. الآن أشهد، في حزن وحتى في تسليم، بداية زوال الصحافة المكتوبة. وأمامي دليلان: الأول، ما صارت إليه «النيويورك تايمس» من هزال. وصار في إمكان تاجر لبناني الأصل، كارلوس سليم، أن ينقد أهم صحيفة في العالم، أو لا ينتقدها، بفائض من ثروته في صناعة الاتصالات، التي أسهمت في طحن الورق والحبر. أما الدليل الثاني، فهو ما لم أتوقعه إطلاقا. أن أصبح أنا أيضا من الذين يقرأون صحفهم على الإنترنت. ودون أي شعور بالذنب.