قمة من أجل اليمن

TT

عانى اليمن فقرا شديدا في كل شيء، إلا في الرجال. وحيث أُعطي اليمنيون الفرصة تقدموا في كل منافسة. من السعودية إلى الولايات المتحدة إلى شرق أفريقيا إلى بريطانيا. وفيما كانوا في الخارج مضرب مثل في النجاح والسعي والغنى، ظلوا في الداخل مضرب مثل على مدى الفقر وما يرافقه من تخلف وتدن في أشكال المعيشة، بينما يختم العالم العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ولا بد أن عددا هائلا من اليمنيين يتساءل عما حققته له «الثورة». فاليمني لم يعرف من «الثورة» سوى توالد الانقلابات العسكرية واستمرار السلطة العسكرية. وهناك قضيتان أساسيتان ادعت الثورة أنها جاءت لإلغائهما: القبلية المعتدية على سلطة الدولة ومفهوم الحكم العادي، و«القات» الذي يجعل من اليمن الدولة الوحيدة في العالم، التي تشرع لمواطنيها استخدام نوع من المخدر، بصرف النظر عن درجته أو نوعيته أو علاقته بالتاريخ اليمني أو بالعادات اليمنية.

مهما سمينا تجربة السنوات الماضية، «ثورة» كما يحلو للعرب تسمية خروج الدبابات من الثكنات بقيادة ضباط صغار يتحولون إلى أبديين، أو «جمهورية» كما يسمي العرب البرلمانات المعينة والمؤسسات المصفقة، أو أي اسم آخر لا علاقة له بالمسمى والحقيقة، مهما كان الاسم، هذه لحظة لإعادة النظر في كل شيء، من أجل المحافظة على وحدة اليمن وشعب اليمن ومستقبل 24 مليون إنسان، سوف يفقدون خلال سبع سنوات، الدخل الأساسي الذي هو النفط. ويقول البنك الدولي إن 46% من الريف اليمني يحصل على مياه عادية وإن 40% من مياه البلاد تذهب لزراعة القات، فيما يقدر البعض أن اليمن سوف يصبح دون مياه خلال عقد!

في هذه المناخات والأوضاع نبتت ظواهر ومظاهر كثيرة. وفي هذه المناخات أصبح الأمن القومي برمته على المحك، وكثر المتربصون به، وتكاثر المتحالفون غير المتوقعين على نظام العقيد علي عبد الله صالح، الذي كان مطمئنا إلى أن كل هذه القضايا النائمة لن تفيق، ما دام يمارس ديمقراطية مخالفة للديمقراطيات العربية عموما: هو يكتفي من أصوات الشعب بالأكثرية الساحقة بدل الماحقة.

ولا بد من خطوات سريعة. مقابل المؤتمر الدولي «الأمني» يجب أن يعقد العرب قمة تدرس مساعدة اليمن وتحريره من المساعدات الدولية المضحكة، وإنشاء مشاريع التطوير، وخصوصا استدراك الشُّحين الأكثر خطورة: المياه والنفط. اليمن في حاجة إلى برنامج إنمائي طارئ، تتولاه دول الخليج، وتشرف عليه هيئات مختصة، خوفا من أن يقع الخبراء في أيدي القبائل والمساعدات في أيدي الفساد.