لماذا فازت مصر؟

TT

مساء الخميس الماضي لم يعل صوت على صوت المباراة بين مصر والجزائر، تسعون دقيقة مرتفعة الحرارة إلى درجة الغليان انتهت بفوز مصر، انتصر فيها الفراعنة على مقاتلي الصحراء، تفوق فيها أولاد شحاتة على أشبال الشيخ سعدان، ثأروا لأنفسهم من موقعة أم درمان الكروية الشهيرة، تنفست شوارع القاهرة الصعداء، مسح الفوز الكبير ذاكرة الهزيمة الماضية، وانتشى المصريون.

ويبقى السؤال: لماذا فازت مصر، وخسرت الجزائر؟

المعروف أن المنتخبين يتقاربان فنيا ولياقيا، لكن العامل النفسي هو الذي سبب الفارق بينهما، حيث نجح المحيطون بالمنتخب المصري، وعلى رأسهم المعلم شحاتة، وقائد الفريق أحمد حسن، في إبعاد اللاعبين عن أجواء التوتر والشحن النفسي، وانعكس ذلك واضحا على أداء اللاعبين، حتى الإعلام المصري استبق اللقاء بإعداد معنوي جيد للاعبين والجماهير دون اجترار للأحداث المأساوية الماضية، فأشاع جوا من الهدوء النسبي ساعد على نزع فتيل الاحتقان، وانعكس ذلك إيجابا.

ومن الدقيقة الأولى للمباراة، كان يمكن للمشاهد أن يلحظ الفرق بين المنتخبين في مجال الإعداد النفسي، والتهيئة المعنوية، فالجزائريون دخلوا اللقاء وهم يجترون بقايا أجواء التوتر الماضية، فأنبتت هذه الحالة النفسية ثلاث بطاقات حمراء «مجانية» للاعبين الجزائريين فوزي الشاوشي ونذير بلحاج ورفيق حليش، استغلها اللاعبون المصريون بمهارة، وفرضوا سيطرتهم على المباراة، وكان الشيخ سعدان مدرب الجزائر خارج الطقس تماما، ولا يختلف عن غيره من الجالسين على مقاعد «المتفرجين» في الملعب، وكان في إمكانه بعد حالة الطرد الأولى أن يدرك خطورة الفخ النفسي الذي يتربص بلاعبيه، فيسعى إلى رفع مستوى الانضباط لتلافي المزيد من البطاقات الحمراء، لكنه لم يفعل أي شيء من ذلك بين الشوطين، فعاد اللاعبون في الشوط الثاني بدرجة التوتر نفسها التي غادروا الشوط الأول عليها، ولربما كانت الجزائر في حاجة إلى هذه الهزيمة القاسية لتعود إلى حالة الواقعية قبل ذهابها إلى كأس العالم، كما أن مصر كانت في حاجة إلى هذا الفوز لاستعادة الثقة، وجبر خواطر جمهورها بعد أن أقصتها الجزائر من التأهل لكأس العالم.

وباختصار: فازت مصر لأن المعلم شحاتة تعامل مع المباراة بواقعية كرة القدم، فلم يطلب من أولاده أن يكونوا أكثر من لاعبي كرة في الملعب، بعيدا عن إشغالهم بقضايا الثأر، أو اجترار كوابيس أم درمان..

مبروك لمصر استحقاقها الفوز، وللجزائر حظ أفضل في كأس العالم.

[email protected]