حماس تهدد من؟

TT

على أثر اغتيال القيادي في كتائب القسام محمود المبحوح، في غرفته بدبي، خرجت قيادات حماس تتهدد وتتوعد بالانتقام لمقتله، وهذا امر مفهوم، ومتوقع، من خلال طبيعة الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، لكن غير المفهوم هو: هل كانت حماس تهدد اسرائيل بالانتقام، أم أنها تهدد الدول العربية باستباحة أراضيها؟

بعض قيادات حماس شرعت تذكر بتاريخ الصراع الاستخباراتي بين منظمة التحرير واسرائيل من قبل، ويبدو أنه للمرة الاولى تعترف حماس بنضال منظمة التحرير، وما قدمته من اجل القضية الفلسطينية، حيث عادت حماس تذكر بصراعات كانت قبرص، مثلا، مسرحا لها، حيث ذهب محمود الزهار، قيادي حماس، الى ابعد من ذلك حين هدد صراحة بالقول «نرسل رسالة واضحة إلى الدول العربية ذات العلاقة بالجانب الصهيوني أن تتَّعظ من هذه الجريمة التي ارتُكبت..».

وأضاف، وهنا بيت القصيد، «اليوم تكرَّرت التجربة في الإمارات، أعتقد أن الإمارات وغير الإمارات يجب أن تتعظ بأن الجانب الصهيوني لا يحترم سيادة أي دولة عربية ولا أي دولة في العالم، وأن مصالحه مقدمة على كل مصالح الشعوب، ومن هنا يجب أن تتمَّ إعادة ترتيب العلاقات بين العدو الصهيوني والدول وتقييمها على خلفية الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني».

وأول مغالطة أنه ليس للامارات علاقة بـ«الجانب الصهيوني»، كما يقول الزهار، فهل تقصد حماس أن عملاء الموساد يتحركون داخل الاراضي الاماراتية، مثلا، بكل حرية، وبعلم من السلطات؟ فاذا كان محمود المبحوح نفسه، المغتال بدبي، والمكلف بمهمة ضابط اتصال بين حماس وايران، قد دخل الى الامارات قادما من دمشق بجواز سفر يقال إنه عراقي، وتلك قصة أخرى، وباسم مختلف عن اسمه الحقيقي، ولم تعلم حينها السلطات الاماراتية بأنه القيادي في كتائب القسام، او الشخص المطلوب منذ عشرين عاما للموساد، فكيف ستتعرف السلطات الأمنية الاماراتية، او غيرها، اذا ما كان كل قادم الى اراضيها عميلا بالموساد، او غيره من الأجهزة؟

فاذا لم يكن محمود المبحوح يحمل جواز سفر صحيحا، ولم يكن عليه اسمه الحقيقي، فهل يتوقع ان تكون مكتوبة على جوازات عملاء الموساد اسماؤهم الحقيقية، وطبيعة وظائفهم؟ بل إن وجود المبحوح في دبي، وبعد معرفة أنه كان ضابط الاتصال مع ايران، فالواضح أن حماس هي من بادر لاستغلال الدول العربية، ومنها الامارات، للقيام بنشاطاتها التي تعرض أمن تلك الدول للخطر. ولذا فإن ما تحاول حماس قوله اليوم، بعد اغتيال المبحوح، ما هو الا مجادلة لا يمكن وصفها إلا بالسخافة، ومحاولة لتغطية انتهاكات سابقة قامت بها حماس بحق دول عربية.

وعليه فان استنكار وادانة اغتيال المبحوح لا يخول حماس حق تهديد الدول العربية، او استباحة اراضيها، بل إن السؤال هنا هو لماذا لم يمارس المبحوح، او غيره، عمله في سورية مثلا، وان كان لا بد ان نذكر حماس بأن عماد مغنية، وغيره، قد تمت تصفيتهم في سورية بدون وجود علاقة بين دمشق و«الجانب الصهيوني» كما يقول الزهار!

[email protected]