بترايوس واللامي وفضيحة النزاهة!

TT

علي اللامي يشغل منصب رئيس هيئة المساءلة والعدالة العراقية، المؤسسة ذات الاسم الرنان، والتي صارت نفسها محل طعن في نزاهتها وتستوجب مساءلتها قبل أن تقوم بمحاسبة مرشحي الانتخابات البرلمانية. وكان من الطبيعي أن يثير اللامي جدلا واسعا بعد أن أمر بإبعاد أعداد كبيرة من المرشحين بدعوى أنهم بعثيون، أو متعاطفون مع البعث، أو يروجون للبعث، إضافة إلى الموانع الأخرى: عدم الكفاءة التعليمية أو السجل الإجرامي.

لأول مرة منذ سقوط صدام حسين صار اللامي الرجل المخيف في العراق، لا يقارن به رئيس الوزراء أو وزير الدفاع أو وزير الداخلية، يكشر عن أنيابه لكل من يتجرأ على الاعتراض عليه فيتهم مخالفيه بالبعثية حتى لو كان الجنرال بترايوس، أكثر رجل قاتل البعثيين ولولاه ما استطاع اللامي أن يأوي إلى بيته سالما. اتهم اللامي بترايوس بالبعثية، أمر لم يَهْذِ بمثله أحد من قبل، وهدد قائلا لو كان الجنرال عراقيا لشمله بقانون الاجتثاث. تهديد يوضح كيفية التحول من عهد محاولة إقناع العراقيين بالمشاركة في الانتخابات إلى زمن تخويفهم وتهديد من يعترض عليهم. ومن الواضح أن هذا اللامي إما أنه غير متوازن، أو أنه مكلف بمهمة غير عراقية، كما قال بترايوس، إن هيئة المساءلة التي يديرها اللامي تأخذ تعليماتها من فيلق إيراني.

وبترايوس خير من يعرف لامي جيدا لأن القوات الأميركية اعتقلته في أغسطس (آب) عام 2008 بتهمة الانتماء للمجاميع الخاصة المرتبطة بإيران. وقبلها بسنتين اعتقل بتهمة تفجير مركز شرطة في مدينة الصدر وسجن لعام. رجل تحيط به مثل هذه الشبهات الخطيرة، والملاحقات الأمنية، كيف يصبح مسؤولا عن أعلى لجنة تقرر من هو صاحب السلوك الحسن من السيئ، وتقرر من يحق له خوض الانتخابات ومن يجب حرمانه. وفوق هذا كله فضيحة أن لامي أدخل نفسه مرشحا للانتخابات، فكيف يستقيم الأمر بين أن يكون حكما من جانب ومنافسا للمرشحين الآخرين؟

إن العراق ليس في حاجة إلى مثل هذه القرارات المشكوك في صوابيتها، واللامي، وفريق المساءلة، سينجحون في تخريب كل ما بناه العراقيون في سنوات الدم الماضية بتحويل العراق، في أعين العراقيين والعالم، نظاما بعثيا آخر، يسمح ويمنع بناء على حسابات سياسية لا قانونية. لقد فشلت القوى المعارضة في السابق في التشكيك في الانتخابات الماضية، أما اليوم فإن الطعن محليا ودوليا في تنظيم الانتخابات ونزاهتها صارت له مبررات حقيقية. ما يفعله رجل مثل اللامي بسجله السيئ يعرض العراق لخطر جديد اعتقدنا جميعا أننا تركناه خلفنا، بعد أن نجح العراقيون في تضييق الاختلافات، وصارت ساحتهم الانتخابية أكثر الدول العربية ديمقراطية. وهذا ما قالته منظمة «هيومان رايتس ووتش» التي اتهمت هيئة المساءلة والعدالة بـ«السعي لتقويض الثقة في العملية الانتخابية».

بفضل هيئة اللامي سيصبح العراق مثل بقية السيرك الديمقراطي العربي الذي تقرر لجنة مكلفة الفائز قبل أن يبدأ التصويت.

[email protected]