لكيلا نفسد حياة الناس

TT

يندر أن يمر يوم دون أن نطالع في الصحافة السعودية أخبار القبض على ساحر أو أكثر من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي جعلت محاربة السحر والسحرة في مقدمة اهتماماتها، وهي ظاهرة صحية أن يتصدى هذا الجهاز لمحاربة الدجل والشعوذة والضحك على العقول، ولكن كثرة أعداد المقبوض عليهم بهذه التهمة يفرض على المرء أن يتساءل:

لماذا أصبحنا هدفا لهذه العصابات الوافدة المتخصصة في النصب والاحتيال والدجل؟

وفي معرفة الإجابة عن هذا السؤال تكمن العلة، فالقبض على السحرة لا يجدي إن لم يكن مصحوبا بالقبض على أسباب الجهل التي تدفع البعض إلى اللجوء إلى السحرة وتصديقهم، هذا الجهل للأسف هو الذي أغرى هذه العصابات على القدوم والانتشار والتغرير، وقد يحتاج توضيح المعنى إلى أمثلة سبق نشرها في بعض الصحف مثل خبر رجل الأعمال المغفل الذي احتال عليه ساحر دجال بزعم تزويجه من ابنة أحد ملوك الجن، التي ستوفر له خلال سنة من زواجها 10 مليارات ريال، مقابل مهر قدره مليون ومائة ألف ريال! وكذلك خبر آخر لرجل أعمال آخر دفع 210 ملايين ريال لعصابة من النصابين والمشعوذين للحصول على منصب اقتصادي كبير، وقد تمكنت الأجهزة الأمنية من استرجاع 10 ملايين ريال من أصل 210 ملايين ريال دفعها رجل الأعمال المغفل!

ومن أسباب نزوع البعض إلى السحرة، المعالجة غير العلمية لبعض أخبار المقبوض عليهم من السحرة بالمبالغة والتضخيم، كطيران ساحرة من الدور الثاني إلى الرابع، أو إبطال مخطط سحري لسرقة مئات الملايين المودعة في أحد فروع مؤسسة النقد! فهذه المبالغات من شأنها تعزيز مقدرات السحرة في أذهان البعض ممن يفتقرون إلى الثراء الديني، الذي يحول بينهم وبين إتيان هؤلاء السحرة.

نحن نؤمن بكل ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية عن السحر والسحرة، ولكن علينا عدم تكثيف إحالات الكثير مما يحدث لنا إلى فعل السحر، أو أن نجعل من هذه الأمور مطايا لخيالاتنا اللاعلمية، لأن من شأن هذا التكثيف إفساد حياة الناس، وإعاقة تكيفهم الطبيعي مع واقعهم.. فهل نتنبه؟

[email protected]