محاولة التفاوض الجديدة

TT

ليس عبثا تجاهل الرئيس الأميركي باراك أوباما تماما قضية الشرق الأوسط في خطابه السنوي، ما يسمي خطاب حالة الاتحاد. لم يشر إليها ضمن نشاطات حكومته في تجاهل مقلق، بعد أن كان يبدأ خطبه، التي أعقبت فوزه في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، بالحديث المتفائل عن مشروع السلام.

هل وصل الرئيس باراك أوباما إلى نفس النتيجة التي وصل إليها الرئيس الأسبق بيل كلينتون، في آخر ولايته بعد فشل مشروع المفاوضات مع ياسر عرفات. كلينتون أوصى الرئيس الخلف جورج بوش الابن بألا يقع في نفس الورطة، ناصحا إياه بأن يتجاهل القضية لأنه لا توجد جدية لدى الأطراف المتصارعة في التوصل إلى أي سلام.

بوش، رغم النصيحة، جرب حظه عندما أعلن استعداده للاعتراف بدولتين فلسطينية وإسرائيلية ضمن مشروع سلام، لكن تلك الخطوة لم تجد صدى، وبعدها بأسابيع قليلة وقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر وأسكتت أي حديث غير حديث محاربة «القاعدة».

بعد فوزه بالرئاسة تفاءل الرئيس أوباما كثيرا وقدم حل القضية الفلسطينية على كل القضايا الأخرى، بما في ذلك محاربة الإرهاب، مما جعله محل انتقاد واسع في الولايات المتحدة. لكن أوباما لم يتراجع وأكمل محاولاته معتمدا على وسيط نزيه هو جورج ميتشل، رجل لم يطعن أحد قط في حياديته، ولم يتهم أبدا بانحيازه لإسرائيل. وبعد أشهر من الدوران جاءت الصدمة كبيرة على أوباما بعد أن اعترف له الوسيط بألا أحد يبدو مهتما بحل القضية.

وها نحن أمام جولة هادئة، تبدو محاولة شبه أخيرة، لإقناع الأطراف بأن التفاوض ضرورة للتوصل إلى سلام. وهل هناك سلام يمكن أن يتحقق أفضل في ظروف اليوم برعاية رئيس نزيه ووسيط عادل؟ إنها فرصة حقيقية إن كانت هناك إرادة لإنهاء هذا النزاع الذي ترك ملايين الناس يعيشون في الملاجئ وفي المنافي وفي ظروف لا تقبل لأي إنسان، في ظلم لم يعرف العالم مثله وطوال هذه العقود.

الملامح الجديدة تشير إلى أن المحاولة تريد توسيع خريطة الحوار بإدخال السوريين. وهذا أمر مهم، حيث لا سلام بلا سورية. وكذلك بمنح القيادة الفلسطينية عذرا للجلوس مع الإسرائيليين بدون شروط مسبقة بالاعتراف مبكرا بماهية الحدود، من أجل مقايضة الحدود بأراض المستوطنات.

مهمة ليست سهلة، لكنها تستحق المحاولة من أجل دفع الأمور نحو واقع جديد.

[email protected]