أحد عيوبنا المصرية!

TT

لا أعرف إن كانت هذه عادة مصرية.. أم أنها عربية أيضا.. ففي كل مرة نتحدث عن شخصية عظيمة لها مزاياها ودورها التاريخي في الأدب أو الفن، يظهر صوت ناشز يعدد عيوب ومثالب هذه الشخصية..

لا مانع.. فلا أحد بلا عيوب. ولكن عندما تكون هذه العيوب تتعلق بالأمانة العلمية أو الأدبية أو الفنية، فالأمر خطير. وإذا قلنا - مثلا - إن توفيق الحكيم بخيل.. فليس عيبا كبيرا، ولكن أن نقول إنه لص سرق القصة والمسرحية والدراسة من الأديب الفلاني والفنان العلاني، فهذا شيء بشع. وقد حدث أن هاج النقاد وأدعياء النقد على توفيق الحكيم لوجود تشابه بين فكرة مسرحية عنده ومسرحية عند أديب أوروبي. فصاح النقاد: امسكوا الحرامي.. مع أن الأدب والفن ليس هو المضمون.. وإنما الشكل هو الفن. مثلا: القماش في متناول كل الناس ولكن الإبداع هو في تفصيل هذا القماش.. فالأسماء الكبرى في تصميم الأزياء كلها في شكل الفستان..

وقد ضاق الرئيس عبد الناصر بالهجوم العنيف على كاتبنا العظيم. فأمر بوقف هذه الحملات.. ولعبد الناصر مقولة مشهورة وهو أنه عندما كان في روسيا قالوا له إنهم اخترعوا السيارة قبل فورد الأميركي واخترعوا الصواريخ قبل فون براون الألماني والراديو قبل ماركوني الإيطالي والتليفون قبل غراهام بل الأميركي.. أي أنهم اخترعوا كل شيء. وعبد الناصر والعالم كله على يقين من أنهم لم يفعلوا ذلك..

والمعنى: أنهم ينسبون إلى رجالهم كل شيء.. لا أن يجردوهم من أية ميزة كما نفعل في مصر..

ومنذ أيام قال واحد إن طه حسين سرق البحث الفلاني من المستشرق العلاني.. وليس صحيحا. وقالوا عن العقاد وعن الشيخ محمد عبده. صحيح أن هذه آراء تافهة وهي ليست إلا مثل الكف في قرص الشمس. ولكن الذي يشغلنا هو الدافع إلى هذا التشويه والتشنيع.. إنهم بلغة أهل البلد في مصر: الذين يحطمون الفوانيس في ليلة الزفاف.. إنهم لا يفرحون ولا يريدون أن يفرح الناس.. اللهم لا تجعله عيبا عربيا واجعلنا قادرين على التغلب عليه!