جاء عاريا.. خرج عاريا!

TT

كلما ذكرنا الشعراء الصعاليك لم نجد غير شاعر مصري غلبان اسمه عبد الحميد الديب. فقير ينام على الأرض أو يفرش الصحف وينام عليها ويقول شعرا. وأجمل شعره هو الذي لا يمكن وضعه في كتاب. شعر بذيء دمه خفيف..

ولما عمل موظفا في دار الكتب المصرية سألوه: أين أنت الآن؟ قال: بالأمس كنت مشردا أهليا، واليوم صرت مشردا رسميا!

أما الشعراء الصعاليك ففيهم فتوة وقوة. ولم يكونوا لصوصا. وإنما لصوص ظرفاء. يقطعون الطريق.. ويعطون ما يسرقون للفقراء والمحتاجين. ثم ينظمون شعرا بديعا.

أما في الأدب الأوروبي فنجد عددا كبيرا من الرسامين والشعراء يقتلون ويسرقون ويغتصبون ويتسولون.. ومن أشهرهم الشاعر الفرنسي فيلون، وكان لصا وقاتلا. وحكموا عليه بالإعدام. وتوسط أصدقاؤه فحولوا الإعدام إلى نفي خارج فرنسا عشر سنوات (1455)، وعاد ليدخل السجن. فقد اختار أن يظل لصا!

والأديب الروائي المسرحي جان جينيه. أمه غانية ماتت بعد ولادته بسبعة أشهر. وتنقل بين الملاجئ. وهرب ليتسوّل.. واتهموه بأنه سرق وكان بريئا، فأصر أن يكون لصا كما أراده المجتمع. وخرج من السجن ودخل وخرج. وبعث من السجن بخواطر أدبية. وقد اكتشفه الفيلسوف الوجودي سارتر، وألف عنه كتابا ضخما عنوانه «القديس جينيه».. وهو شاذ جنسيا. وموهوب أيضا. وله روايات ومسرحيات. وكانت مسرحياته نموذجا لمسرح العبث. وارتكب جريمة قتل. وقام الأدباء والفلاسفة بمظاهرة سنة 1948 يطلبون له العفو. وعفت عنه الدولة. ولم يفلح الفلاسفة والأدباء في إقناعه بالعدول عن الدعارة والسرقة وتوفي سنة 1986 في غرفة ليس بها أثاث، وعلى الأرض هذه العبارة: لم آخذ من هذه الدنيا إلا ما سرقت.. جئت عاريا وأخرج منها عاريا..

وغيره من الأدباء والرسامين كثيرون!