عندما يتحدث العلماء

TT

عندما انتخب سليمان فرنجية رئيسا عام 1970، انتقى أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية، الدكتور إلياس سابا، وزيرا للمال. وكان من عادة السيد منح الصلح أن يسخر من جميع الناس وكل الأشياء، فكتب يومها قطعة تهكمية يسخر فيها من عدم إلمام الرئيس فرنجية بعلوم الحساب. وقال إن الوزير سابا يبسط المعادلات الحسابية للرئيس كي يستطيع أن يستوعبها، فيشرح له، مثلا، نظرية التوفير على أنها «قدر بساطك مدد رجليك»، ونظرية الاحتياط بأنها «وفر القرش الأبيض لليوم الأسود».

يرأس جنز ستوتلنبرغ حكومة النرويج، إحدى أرقى دول العالم، للمرة الثانية، وكان قبلها وزيرا للطاقة، وللمال، وللتجارة، وهو أستاذ من جامعة أوسلو، ومن أعرق وأهم العائلات السياسية في بلاده، وفي مرحلة كان عمه وزيرا للخارجية وفي أخرى تولى الخارجية أحد أخواله.

كيف شرح هذا الرجل لشعبه، سياسته الاقتصادية غداة العام الجديد؟ قال: «بين أولى المباني العامة التي نعرفها من الحضارات القديمة، كانت الصوامع، لقد استخدمت للحالات الطارئة عندما تبور المواسم. نتذكر جميعا قصة يوسف عندما نصح الفرعون ببناء مخزن للحبوب لأن السنوات السبع السمان سوف تعقبها سبع سنوات عجاف. إنها حكمة قديمة. يجب أن نقتصد في الأزمان الياسرة لكي نكون مستعدين في الأوقات الصعبة. لقد واجه العالم العام الماضي أقسى أزماته الاقتصادية في النرويج أيضا. نحن اقتصاد صغير ومفتوح، ونصف ما ننتجه نبيعه في الخارج. عندما تختفي أسواق الاستيراد الخارجية يتضرر أهلنا في الداخل. الكثيرون ممن يعملون في بناء السفن، أو قطع غيار السيارات، أو الألمنيوم فقدوا وظائفهم، لأن الناس في الخارج لم تعد تشتري هذه الأشياء. استطعنا أن نصرف كميات كبيرة من المال في الأزمة لأننا كنا قد احتطنا لذلك أيام اليسر. في هذا الباب يمكنكم القول إننا عملنا بنصيحة يوسف لفرعون، وإن بطريقة أخرى. لقد بنى المصريون الصوامع ونحن أنشأنا الصندوق التقاعدي الدولي».

هكذا بسط أحد أبرز زعماء العالم الشديد التقدم، لشعبه، حالة البلاد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. بكلام شديد الاختصار، كان يقول: «وفر القرش الأبيض لليوم الأسود». ليس في الأمر ما يضحك.