إلى عمر عبد المطلب

TT

إلى المناضل المجاهد المجل عمر الفاروق عبد المطلب،

تحية،

أعرف أن الكلام التالي لا يعني لك شيئا، ومع ذلك فلا بد من هذه الرسالة إليك، لعلهم يعقلون، وأكثر الناس لا يعقلون.

تصور، وأنت في استراحة السجن، لو أن انفجارك قد نجح. وتصور، أن ربك، الرحمن الرحيم، كان سيقسم ركاب الدلتا إلى قسمين: أنت، مباشرة إلى الجنة. وضحاياك، مباشرة إلى الجحيم.

وتصور أيضا أمرا آخر، لو أن الذين علموك أن خلاصك وخلاص أمتك هو في حرق الطائرات والناس، كما تفعل الطائرات الأميركية دون طيار، لو أنهم علموك شيئا آخر. قالوا لك: يا عمر، أنت مهندس من جامعة بريطانية كبرى، ووريث في عائلة نيجيرية ثرية، ولذلك سوف يكون واجبك حيال بلدك وأمتك وشعبك، أن تحمل علمك، وشيئا من ثروة أبيك، وتذهب إلى قرية في ضواحي اللاغوس، أو إلى حارة في وسطها، وتساعد الفقراء على التعلم، وتعلم الذين يعيشون في أكواخ من الصفيح والقش، كيف يبنون أكواخا من الخشب، وتعلمهم أن الوسخ الذي يعيشون فيه مرض وموت وذل. ولذلك، سوف تساعدهم، أنت كمهندس، على إقامة جهاز صرف بأي ثمن وبأي شكل. وسوف ترشح نفسك لرئاسة البلدية، وتكون نموذجا لمحاربة الفساد في أحد أكثر بلدان الأرض فسادا. وسوف تقيم للقرية مشاريع ممكنة، رغم الفقر والسرقات المالية والاتحادية. وسوف تنشئ مدرسة، أولا تحت شجرة كينا، ثم في كوخ، ولكن ما يهم إذا كان الأطفال سوف يتعلمون كيف يقرأون؟ وعندما يقرأون سوف يعرفون الفرق بين عبودية الرجل الأبيض والاستعمار وبين عبودية الحاكم الأفريقي، وسوف يجدون أن لا فرق.

تصور هذا المزيج: شهادتك التي تدل على ما قطعت من علوم، وشيء من رأسمال أبيك. لكنك اخترت أن تطعم شهادتك للفئران وأن تكون عدو أبيك، وعدو كل يدعوك، مثله، إلى العقل والترؤف بأهلك ومجتمعك وشعبك. وكنت ترى في كل ذلك شططا وكفرا، فالإيمان، كما يعلمونك في الكهوف، يعني أن تعيش في الظلم وأن تنمو في الظلمة. لكن حاول هذه التجربة الاختبارية: الفارق في حياتك بين ظلام الزنزانة، وضوء الاستراحة. وأعرف طبعا أنك سوف تختار عتمة الظلام.