قال لي: عندما كنت صغيرا كنت أشكو من أنني لا أملك حذاءين، حتى أتى الوقت الذي لاحظت فيه أن البعض لا يملكون أقداما.
قلت له: الآن أحسستني بقيمة قدميّ، وتكريما لهما سوف أسير اليوم بطوله حافيا.
قال: ليس عارا أن يكون المرء فقيرا.
قلت له: هذا صحيح، ولكن ألا تعتقد أنه مزعج كذلك؟!
قال: إذا قلنا شيئا للرجل دخل إحدى أذنيه وخرج من الأخرى، ولكن إذا قلنا شيئا للمرأة فإنه يدخل من الأذنين ويخرج من الفم.
قلت له: الحمد لله أنه جاء على ذلك فقط.
سألني: أيهما أفضل، الغرور الذي قوامه مدح الإنسان لنفسه، أم الغرور الذي قوامه ذم الآخرين؟!
أجبته: كل واحد أفضل من الثاني.
قال: إنها حقيقة عجيبة، فبعض الناس يمارسون حياتهم وعملهم كأن الواحد منهم يريد أن يثقب قطعة خشب بمنشار، وفي الوقت نفسه يريد أن ينشر قطعة خشب أخرى بمثقاب!
قلت له: هذا هو أنا (الخالق الناطق).
قال: المتشائم هو الرجل الذي يضع لبنطلونه حمالات تشده إلى الأعلى، وفوق ذلك يربطه بحزام محكم على وسطه مخافة أن يسقط.
قلت له: وخايف على إيه (يوسف الحسن)؟!
قال: الطيبة هي حماقة الأذكياء، والخبث هو ذكاء الحمقى.
قلت له: إنني من الصنف الثاني ولا فخر.
قال - وهو ينفث سيجارته في وجهي: هل تصدق أن والدي رحمه الله قد توفي وعمره ثمانون عاما، وكانت السيجارة لا تفارق فمه؟!
قلت له: لو أن والدك لم يكن مدخنا لوصل إلى التسعين قبل أن يفطس.
سألني: ما رأيك في من يكذبون من أجل التوافه؟!
قلت له: إنني أحتقرهم من أعماق قلبي، فينبغي على الإنسان ألا يكذب إلا إذا كان الأمر «يستاهل» و«حرزان»، كأن يكون متعلقا إما بمال أو عشيقة.
قال: إن المرأة هي «الناقة» التي تساعد الرجل على اجتياز الصحراء.
قلت له: إنك بتشبيهك هذا لم تستطع أن تتخلص من بداوتك بعد، رغم أنك أنهيت دراستك في جامعة هارفارد.
ثم سألني فجأة: هل تظن أنك بكتاباتك هذه تؤدي رسالة نبيلة؟!
أجبته بصدق: إن نصف ما أكتبه مضر، والنصف الآخر لا فائدة منه.