تغيير النظام الإيراني.. إنجاز ينتظر أوباما

TT

خلال حديث إلى لاري كينغ، مساء الأربعاء، قال نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، الذي كان مؤيدا للحرب على العراق قبل أن ينقلب عليها، والذي قال إن الزيادة في عدد القوات يمكن ألا تحقق ثمرة أبدا، ولكنه عند استرجاع الأحداث السابقة، رأى أنها أثمرت، حيث قال: «يحدوني تفاؤل كبير يتعلق بالعراق. وأعني يمكن أن يصبح ذلك أحد أهم الإنجازات التي تحققها الإدارة الحالية. سترى 90 ألف جنديا أميركيا يعودون إلى أرض الوطن نهاية الصيف الحالي. وسترى حكومة مستقرة في العراق. ثمة حراك بالفعل يهدف إلى تشكيل حكومة تمثل المواطنين.. وقد أعجبني تفضيلهم استخدام العملية السياسية على البنادق من أجل تسوية خلافاتهم».

العراق «أحد أهم الإنجازات التي تحققها الإدارة الحالية»؟ حسنا، إنه حال غريق في «خضم السياسية» يتعلق بأي قشة، حتى لو كان ذلك عن طريق الاستفادة من نجاح سياسات الإدارة السابقة، تلك السياسات التي تم الاعتراض عليها. وعلى كل، في عالم السياسة يسعى كثيرون إلى نسب النجاح إلى أنفسهم. وهذا أمر حسن، لو كان يعني أن إدارة أوباما ستحرص خلال العامين المقبلين، على ألا تضيع إنجازات القوات الأميركية داخل العراق.

وبعد ذلك طرح كينغ، بأسلوبه الفريد، سؤالا عن إيران: «إيران النووية، هل هي مصدر قلق؟».

واعترف بايدن بأن إيران «مصدر قلق، وقلق حقيقي، ولكنها ليست مصدر قلق عاجلا. ويعني ذلك أن شيئا ما قد يحدث في المستقبل أو على المدى القريب جدا. ولكن أكثر شيء يشعرني بالقلق فيما يتعلق بإيران، أنه إذا استمروا في سعيهم وراء الأسلحة النووية، واستطاعوا الحصول على بعضها ولو قليلا، فسأشعر بالقلق مما سيؤدي إليه ذلك. تعلم يا لاري منطقة الشرق الأوسط، والضغط الذي سيمثله ذلك بالنسبة إلى السعودية ومصر وتركيا.. إلخ. الحصول على أسلحة نووية.. هذا أمر يزعزع الاستقرار بدرجة كبيرة».

فبعيدا عما إذا كان من المهم أن نشعر بالقلق إزاء احتمال حصول دول أخرى على أسلحة نووية ردا على ما تقوم به إيران أكثر من شعورنا بالقلق بسبب المشكلة الأكثر إلحاحية المتمثلة في حصول النظام الإيراني على أسلحة نووية، وبعيدا عن أن بايدن، كما هو الحال مع رئيسه، لم يستطع التعبير عن أي نوع من التضامن مع المتظاهرين الذين كانوا سينزلون إلى الشوارع الإيرانية خلال الأيام التالية، فإن ما يثير الدهشة: أولا، حتى بايدن يبدو مدركا أن حصول النظام الإيراني الحالي على سلاح نووي سيمثل مشكلة قد تغطي، للأسف، على أي نجاح آخر داخل منطقة الشرق الأوسط مثل العراق. ثانيا، لم يكلف بايدن نفسه عناء التظاهر بأن العام الذي قضته إدارة أوباما في «التواصل» مع إيران أثمر أي شيء ذا قيمة و(ثالثا) لم يكلف بايدن نفسه عناء الزعم أن تبعات ظهور إيران نووية يمكن «احتواؤها» من خلال تقديم رادع إلى دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، أو من خلال بعض العلاجات الشاملة التي يستخدمها البعض في مجتمع السياسة الخارجية.

وعليه، ما الذي ستقوم به إدارة أوباما فيما يتعلق بسعي النظام الإيراني وراء الحصول على أسلحة نووية؟

العقوبات. ولكن، حتى لو نجحت الإدارة الأميركية داخل مجلس الأمن، ولو كانت الإدارة بعد ذلك قادرة، مع الأوروبيين، على تجاوز ما يقبله الروس والصينيون في الأمم المتحدة، ولو كانت الإدارة مستعدة مرة أخرى لإعادة النظر في عقوبات «قاسية» ناقشتها من قبل، ولكنها تنأى بنسفها عنها حاليا، ولو كانت الإدارة مستعدة للمخاطرة بعمل عسكري من خلال منع وصول البترول المكرر إلى إيران، فإنه لا يحتمل أن ينجح أي من هذه الأشياء في دفع النظام الحاكم داخل طهران إلى وقف تخصيب اليورانيوم، أو إعاقة النظام عن الحصول على أسلحة نووية في نهاية المطاف.

ولكن، ربما تهدف العقوبات ببساطة إلى استهلاك بعض الوقت. أو مثلما قال مسؤول كبير في إدارة أوباما لصحيفة «نيويورك تايمز»: «إنها تتعلق بإعادتهم إلى المفاوضات، لأن الهدف الحقيقي هنا هو تجنب الحرب».

ويفترض أن المسؤول يشير إلى احتمالية وقوع هجوم إسرائيلي ضد البرنامج النووي الإيراني. أم هل يشير إلى ضربة أميركية؟ في أي من الحالتين، فإنه على حق في أن الحرب هي احتمالية واقعية. وفي الواقع، سأقول إن العمل العسكري محتمل في مرحلة ما خلال العامين المقبلين إذا لم يحدث تغيير في النظام الحاكم داخل إيران.

ولكن، بفضل المواطنين داخل إيران، فإن تغيير النظام الحاكم أصبح احتمالا قائما حاليا. وبالتأكيد، ربما يكون لدى الإدارة إحساس أكبر بأهمية المساعدة على زيادة احتمالات حدوث هذا الهدف.

ربما يكون تبني فكرة «تغيير النظام» أمر مروعا بالنسبة إلى إدارة أوباما، فهو يذكر بجورج دبليو بوش. ولكن من أوجه القصور الكبرى في إدارة بوش عدم الاهتمام خلال المدة الثانية بإيران. ألقى بوش العلبة الإيرانية أسفل الطريق. هل يريد أوباما إنجازا استعصى على بوش؟ إنه تغيير النظام داخل إيران، وهذا هو الإنجاز الذي يمكن أن تقوم به إدارة أوباما، والذي يمكن أن يحتفل به جوزيف بايدن ونحن معه.

* محرر «ستاندرد» الأسبوعية، ويكتب عمودا شهريا لصحيفة

«واشنطن بوست»

*خدمة «واشنطن بوست»