الصورة الإسرائيلية: بشعة!

TT

جزء من الحرب المتواصلة بين العرب وإسرائيل هو العنصر النفسي وتصوير إسرائيل أنها دولة مثالية وديمقراطية وسط غابة من الوحوش والتخلف. ولكن الواقع الإسرائيلي يبين لنا أنه غير ذلك وأن إسرائيل بلد مليء بالمشكلات ويعاني من الانقسام والتفرقة والعنصرية مثله في ذلك مثل الدول العربية. ففي استطلاع مهم للرأي تم إجراؤه مؤخرا في إسرائيل عن طريق معهد «موتاجيم» بالتعاون مع مؤسسة «برسوم جال أورن» تم الكشف عن وجود إمكانية حقيقية وجادة لانفجار الجمهور الديني، وأن هذا الجمهور يزداد تطرفا بعد فك الارتباط مع غزة، وأنه لا يبدي أي استعداد لإخلاء المستعمرات في حالة الاتفاق مع الفلسطينيين مجددا.

ويوضح الاستطلاع أن 79% من الجمهور الديني «سيناضل ويقاوم» ضد إخلاء البلدات في إسرائيل لصالح العرب، ويضاف لذلك أن 16% من المستطلعين يوضحون أنه يجب «عمل كل ما يلزم» كي لا يتم التخلي عن المستوطنات حتى إذا وصل الحد إلى «ضرب الشرطة» و«الاعتداء على العسكريين الإسرائيليين أنفسهم» والنقطة الأهم أن 75% من المستطلعين «يدعمون» رأي هؤلاء الـ16% وبالتالي غالبية الجمهور الديني يؤيد هذا التوجه. يهوديت أوتساتو، وهي مندوبة مبيعات في إحدى شركات الأدوية الإسرائيلية، كتبت خطابا لصفحة الرأي بجريدة «معاريف» اليسارية التوجه، وقالت إنها على يقين بأن نهاية إسرائيل ستكون على يد المتشددين الدينيين فيها نظرا لأن مواقفهم الجديدة تمثل انقلابا صريحا على سلطة الدولة وعلى علمانيتها، لأنها، وبحسب اعتقادها، إسرائيل ستكون مطالبة عاجلا أم آجلا باتخاذ قرارات مؤلمة واضطرارية ومنها تنازل عن أراض والاعتراف بالحق العربي في القدس وهذه المسائل ستلقى مواجهة وصداما حتميا مع التيارات المتطرفة في الداخل الإسرائيلي.

ونغمة حرية التعايش المشترك في إسرائيل التي يتغنى بها الإسرائيليون وأنصارهم تدحضها التصريحات القبيحة التي تخرج من رموز المجتمع أمثال شارون وليبرمان وكبير الحاخامات الشرقيين عوفاديا يوسيف وينضم إليهم البروفسور دان شفتان رئيس معهد الأبحاث للأمن القومي في جامعة حيفا الذي صرح مؤخرا بأن «العرب هم أكبر فشل في تاريخ الجنس البشري، فعندما تطلق إسرائيل قمرا صناعيا للفضاء يبتدع العرب صنفا جديدا من الحمص». وقال في مناسبة أخرى إنه «لا يوجد تحت الشمس أغبى من الفلسطينيين» و«الفلسطينيون هم الجزء الأسوأ في الشرق الأوسط. تعالوا نترك لهؤلاء الكولير» وأضاف: «أفضل شيء حدث للعرب أنهم وافقوا على احتلالهم» هذا الرجل له رأي نافذ ومقرب من دوائر صناعة القرار في الحكومة الحالية، وهو يقدم هذه الآراء الوضيعة في محاضرات عامة بالجامعات والقاعات الكبرى وفي لقاءات إعلامية، ومع وصول الحكومة المتطرفة الحالية للسلطة في إسرائيل انفتحت «شهية» المتطرفين وباتت هكذا تصاريح مسألة عادية وقبولها أصبح مسألة لا شك فيها.

ويؤيد هذه كله زيادة قوة اليمين المتطرف في الرأي العام وضعف التيارات اليسارية كما وضح ذلك في أكثر من استطلاع للرأي أجري في إسرائيل. ولكن هناك صفعة «محترمة» وجهت لإسرائيل مؤخرا تستحق التأمل وهي أن إسرائيل تقهقرت وبقوة في تصنيف الحرية الإعلامية وبات ترتيبها في المركز الـ93 عالميا بحسب منظمة «صحافة بلا حدود» الفرنسية، وقد سبق إسرائيل في الترتيب دول من الشرق مثل الكويت التي احتلت المركز الـ60، والإمارات العربية التي احتلت المركز الـ61، ولبنان المركز الـ86. وقد أوضح الاستطلاع أن سبب تقهقر إسرائيل بهذا الشكل كان عملية «الرصاص المنصهر» بغزة، التي مارست فيها قوة الاحتلال الإسرائيلي أبشع وسائل الرقابة والتعتيم وتعنيف الإعلاميين.

إسرائيل دولة مارقة بامتياز، وكل هذه الأمثلة ما هي إلا أدلة جديدة لعل المجتمع الدولي يستيقظ من سباته ونفاقه.

[email protected]