العجز عن مواجهة الإرهابيين

TT

لا تفعل إدارة أوباما أي شيء تقريبا، فيما يتعلق بالإرهاب، يجعلني أشعر بمقدار أكبر من الأمان. وسواء ضمنت للإرهابيين الذين تم اعتقالهم عدم تعريضهم للإيهام بالغرق، أو تلت على الإرهابيين حقوقهم، أو أخبرتهم بالقاعدة الغامضة وغير المباشرة، من الناحية القانونية، التي تقول إنه سيتم محاكمة بعض الإرهابيين في محاكم عسكرية وبعضهم في محاكم مدنية، فإن الشيء المفقود هو اعتراف راسخ بأن الأولوية الأولى ليست للرسالة الموجهة إلى ناقدي أميركا، ولكن للرسالة الموجهة إلى الأميركيين أنفسهم. متى تفيق هذه الإدارة؟ متى؟.

وشيئا فشيئا، تجبر الظروف الرئيس أوباما ومساعديه على التعامل بفاعلية مع الواقع. حيث أحبطت على ما يبدو الخطة الأساسية لمحاكمة خالد شيخ محمد، الذي يُدْعى العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، في مدينة نيويورك. وفي النهاية، خطر على بال وزارة العدل أن تطويق أقصى جنوب مانهاتن وفرض طوق أمني حول هذا الحي المالي سيكلف ما يقرب من 200 مليون دولار سنويا، بل وسيدمر اقتصاد هذه المنطقة أيضا. وإجراء المحاكمة هناك سيمنح خالد شيخ محمد فرصة ثانية لتدمير منطقة وسط نيويورك.

ومن المدهش أن أحدا لم يفكر في ذلك. وتقول التقارير المنشورة إن وزارة العدل أحاطت عمدة نيويورك مايكل بلومبرغ علما بخطتها، تقريبا، في الوقت الذي تم إعلانها فيه. ومن الواضح أن هذا النشاط كان نتيجة بعض الإثارة من وزارة العدل، وفي الوقت نفسه فرصة أخرى للتأكيد للعالم أن جورج دبليو بوش قد ولى ومعه المحاولات البغيضة للتعامل مع الإرهابيين كما لو كانوا إرهابيين. أما فيما يتعلق بإجراء محاكمة مدنية في قلب مانهاتن، فينبغي لأوباما أن يسأل صديقه المحامي العام إريك هولدر، عن رأيه، تماما كما قد نسأل أوباما عن السبب وراء ثقته تلك في حكم هولدر. ويدافع مسؤولون بالإدارة عن ما حدث في ديترويت، ويؤكدون، على عكس المنطق والحقيقة، أنهم حصلوا على معلومات استخباراتية قيمة، فماذا تريدون إذن أكثر من ذلك؟ لكن عبد المطلب التزم الصمت قبل أن يصل إليه خبراء الإرهاب من واشنطن. لقد مر أكثر من شهر كامل، ولم يتفوه بكلمة واحدة، وحتى إذا ما استأنف التعاون، وهو ما يتم بذل الجهود بشأنه في الوقت الحالي، فإن لديه الآن معلومات عن المواقع الحالية لعدد من عملاء «القاعدة» أكثر من ريجيس فيلبين.

وقد صحبت الإعلان عن السعي إلى إغلاق معتقل غوانتانامو سذاجة غريبة على طريقة أوباما. فمن الواضح الآن أنه يوجد هناك بعض الأفراد السيئون الذين ينبغي أن يظلوا رهن الاعتقال حتى بعد أن يصلوا إلى سن الالتحاق بعضوية الجمعية الأميركية للمتقاعدين. صحيح أن العالم لا يحب معتقل غوانتانامو، لكن صحيح أيضا أن العالم ليس هدفا لـ«القاعدة».

ولا شك أن جورج بوش شوه صورة أميركا في الخارج بما بدا وكأنها عدالة بعيدا عن المؤسسات الرسمية، وتأييد ديك تشيني الشديد لإجراءات الاستجواب القبيحة. لكن هناك شيء يواجه الخطر في الداخل أكثر من صورة أميركا في الخارج، ألا وهو أمن الأميركيين وراحة بالهم داخل أميركا. ويواجه بوش الانتقادات بسبب الحقائق المتعلقة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) - مراقبته ومسؤوليته - وحاول جاهدا ضمان عدم تكرار هجمات مماثلة في المستقبل. وعلى الجانب الآخر، يبدو أن إدارة أوباما تحاول جاهدة أن تثبت للعالم أنها ليست كإدارة بوش، وأنها ستضمن أن الجميع سيستفيدون من الحقوق المدنية في أميركا، مهما يحدث. لكن الحرية المدنية الأكثر أهمية هي الإحساس بالأمن، وهو ما تآكل للأسف في ظل باراك أوباما. ومرة أخرى، أظهرت الإدارة سوء التقدير، حيث إن صمت عبد المطلب هو صيحة تدل على أن هناك خطأ ما.

*خدمة «واشنطن بوست»