اغتيال المبحوح!

TT

فريق كامل يتشكل من 11 فردا، يأتون من 4 دول أوروبية إلى دبي ليغتالوا شخصا واحدا، هو الفلسطيني محمود المبحوح، ويستخدمون في سبيل ذلك وسائل اتصال متقدمة، وتقنيات متطورة، ورغم كل ذلك تتمكن دبي خلال 24 ساعة من كشف تفاصيل التفاصيل عن مختلف تحركاتهم منذ وصولهم حتى رحيلهم، مرورا بوقت ارتكاب جريمتهم.. إنه إنجاز رائع يصب في مصلحة أمن دبي، ويعطي المؤشر الجيد بأن المدن الحديثة يمكن أن تسهم كثيرا من الناحية الأمنية في كشف المجرمين، وتوثيق الجرائم، وتعميق الأدلة، وهذا ما جعلني أكتب قبل أيام بأن من الصعب أن تسجل جريمة في دبي ضد مجهول، فالشريط المصور الذي عرضته شرطة دبي يوم الاثنين الماضي يؤكد أنه لم يكن يدور في خلد القتلة، رغم احترافيتهم أنهم يرتكبون جريمتهم في مدينة لها كل هذه الإمكانات، خاصة ما يتصل منها بكاميرات المراقبة الأمنية المنتشرة في مختلف الأماكن، ولم يتصور أحد منهم أن يطالع صورته بعد أيام من ارتكاب الجريمة تعلوها كلمة مطلوب «wanted».

ولا أحد يلوم دبي في عدم منع وقوع الجريمة، فالرجل الذي يعرف، وتعرف المنظمة التي ينتمي إليها، أنه ملاحق ومطارد ومطلوب، كيف يسمح لنفسه، أو تسمح منظمته له أن يأتي إلى دبي باسم مستعار، ودون إشعار حكومة دبي لتوفير الحماية له، ومع قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان كل الحق، وهو يقول: «كل من يحاول أن يأتي - إلى دبي - من وراء ظهورنا عليه أن يحمي ظهره»، والذين تابعوا الشريط الذي عرضته شرطة دبي يلاحظون كيف كان المغدور يتحرك وحيدا دون حماية، بل ربما دون توجس أو حذر، وهذا ما أودى به إلى مصيدة الذين جاءوا من أربع دول للنيل منه.

وهذا الفريق الذي تشكل من 11 مجرما ما كان له أن يستبق قدوم المبحوح إلى دبي لولا خيانة بعض بني جلدته، فمن زود القتلة بموعد قدوم المبحوح إلى دبي ليكونوا في انتظاره منذ لحظة الوصول، ولا يعنينا في هذا الصدد التهم المتبادلة بين فتح وحماس حول انتماء الموقوفين الفلسطينيين على ذمة هذه القضية إن كانا من فتح أو حماس، فهذا لا يغير شيئا من طبيعة الفاجعة لو ثبت تورطهما في التعاون مع القتلة، فلا شيء أكثر إيلاما من «الدبابيس» التي تغرس في الخاصرة.

ويبقى السؤال: كيف سيتعامل المجتمع الدولي، أو بعبارة أكثر دقة: كيف ستتعامل الشرطة الدولية مع هؤلاء المتهمين الذين نشرت شرطة دبي بمهنية عالية أسماءهم، وصورهم، وجنسياتهم، وتحركاتهم؟ هل نراهم قريبا يواجهون المحاكمة أم أن لهم ملاذا آمنا يحميهم من العدالة؟

[email protected]