صورتي كما أرى نفسي!

TT

والله العظيم أقول الحق، ولا شيء إلا الحق، وكل الحق، والله على ما أقول شهيد. ولست مقلدا لتوفيق الحكيم ولا الأديب الإسباني خيمينز، فتوفيق الحكيم كان له حمار، وكان يحاوره. وكان الحمار نموذجا للإنسان الساذج الذي لا يفهم، أو الجاهل أو الغبي. وكان له كتاب اسمه «حماري قال لي».. والأديب الإسباني له رواية من أرق وأجمل وألطف وأمتع وأصدق ما كتب الإنسان في أية لغة. الرواية اسمها «بلاتيرو وأنا».. وبلاتيرو اسم الحمار، ومعني الكلمة أن لونه فضي. وسئل هذا الأديب الإسباني عن سبب اختيار هذا الحمار فقال: لم أجد أطيب ولا أرق ولا أجمل منه بين الحيوانات.

هذا رأيه، ورأيي أنا أيضا.. ولم أجد الشجاعة في أن أقول ذلك منذ سنوات طويلة، حتى لا يقال إنني قرد يقلد هذين العظيمين.. والحقيقة أنني لو علقت صورة لحمار في مكتبي لكتبت تحتها: صورتي طوال حياتي العاقلة لأربعة قرارات اتخذتها..

فلا استفدت من عشرات ألوف الكتب التي قرأتها، ولا مئات النظريات الفلسفية التي محوت عمري من أجلها. وضاع العمر، ولا معنى للندم. فقد تصورت - واهما - أنني باللغات التي أعرفها، وملايين الكلمات التي جاءت في أكثر من مائتي كتاب، أستطيع أن أخرق الأرض، وأن أبلغ الجبال طولا.. فلا خرقت الأرض، ولا تركت عليها أي أثر، ولا بلغت الجبال في الفخامة والضخامة والعمر الطويل. فما الذي هو أنا..؟

أرجو أن تعود مرة أخرى إلى السطور السابقة، وتعرف أنني هذا الكائن الظريف، وإن كنت أشك في أنني في نعومته وظرفه. ولا حول ولا قوة إلا بالله!