إيران.. ليست حربنا!

TT

الحرب أولها الكلام، كما يقال، وما نشاهده اليوم بين إيران والغرب هو حرب كلام حقيقية، فما إن هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز، مؤخرا، حتى انزلقت طهران لتجد نفسها وجها لوجه مع أميركا، في تصعيد مستمر وخطير، وقد انجرت إيران إلى مواجهة كلامية مع واشنطن، وليس إسرائيل، حيث بات التشدد الآن يأتي من قبل إدارة أوباما، ففي واشنطن قال البيت الأبيض، أول من أمس، إنه لن يستبعد أي خيار بما في ذلك الخيار العسكري للتعامل مع طموح إيران النووي، بينما قالت وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون إن «إيران هي أكبر داعم للإرهاب اليوم في العالم»، وتتجه إلى «دكتاتورية عسكرية».

وجاء الرد الإيراني تصعيديا أيضا، حيث اتهم المرشد الإيراني علي خامنئي كلينتون بنشر «الأكاذيب»، إلا أن اللافت في الردود الإيرانية كان ما قاله أحمدي نجاد الذي توقع أن هناك حربا قادمة بالربيع، أو الصيف، وهدد إسرائيل أنه في حال شنت حربا فإن «المقاومة ودول المنطقة ستسحقها»! وهدد بأن رد طهران «سيجعل الدول الكبرى تندم» إذا فرضت عقوبات جديدة على بلاده بسبب برنامجها النووي. وفي نفس اليوم، وبعد كلام نجاد بساعات، خرج حسن نصر الله مهددا ومتوعدا إسرائيل، بقصف المطار مقابل المطار، وقصف تل أبيب مقابل قصف الضاحية، كما سخر نصر الله ممن يحذرون من ضرورة «عدم تقديم الذرائع لإسرائيل لشن عدوان على لبنان» معتبرا ذلك كلاما خطيرا «فيه محاولة تبرير لإسرائيل وتحميل المقاومة المسؤولية».

وقد يتساءل البعض وما دخل هذا بذاك، وما علاقة ما قاله نجاد بما قاله نصر الله؟ وهنا مربط الفرس، فكما كررنا مرارا أنه كلما هددت إسرائيل إيران، ردت طهران بتهديد دول الخليج، وكلما رفعت طهران بعقيرة الصوت، خرج نصر الله مرددا كلام إيران، وكأنه الصدى. واللافت اليوم أن نجاد يهدد إسرائيل، والغرب، في حال وقوع الحرب، ليس بقدرة بلاده وسلاحها، بل باسم «المقاومة ودول المنطقة»! فما دخل المقاومة والمنطقة ببرنامج إيران النووي، هذا أولا، والأمر الآخر: إذا كان نصر الله ينتقد اللبنانيين الذين ينادون بعدم إعطاء الذرائع لإسرائيل لمهاجمة بلادهم، والذين يقصدون بأن الحرب هذه ليست حربهم، بل حرب إيران، فلماذا طالبهم نصر الله، وانتقدهم في 28 ديسمبر 2008، بعد حادثة الكشف عن صواريخ الكاتيوشا قائلا إنهم بحديثهم عن أن الصواريخ تعود لحزب الله فإنهم يقدمون مبررات وذرائع لإسرائيل لتشن عدوانا على لبنان؟

وعليه فإن هذه الحرب، وإن وقعت، فهي حرب إيران، وعلى إيران، التي لم تسع إلى أي تصرف حكيم لنزع فتيلها، فلماذا تقحم منطقتنا، ودولنا، فيها، فهي ليست حربنا، ولم نسع لها، بل هي حرب إيران وحدها، وعملائها كذلك، أما نحن فإننا ضحايا إيران إن أصبحت نووية، وضحايا طهران إن وقعت حرب أيضا. فهل نتنبه لهذا الأمر مبكرا قبل أن يضيع الصواب وسط غبار أي حرب قادمة لا قدر الله؟

[email protected]