هل قرأ ماركس أبو العيناء؟

TT

هل يعقل أن يكون كارل ماركس قد قرأ «أبو العيناء»؟ كتب الرفيق كارل عام 1844 ما يأتي: «عندما أملك المال أفقد فرديتي. أنا بشع لكنني أستطيع أن أشتري لنفسي أجمل النساء. إذن، لست بشعا، لأن تأثير البشاعة قد زال. لقد جعله المال لاغيا. أنا سيئ، كاذب، غبي، لكن المال مكرم، وكذلك حامله». من هذه الفكرة العتيقة والشائعة، انطلق فيلسوف الشيوعية ليضع فلسفة جربها جزء من العالم قُرابة قرن. وحاول عبثا، أن يقلب، أو يلغي، النظرة الأخرى إلى المال ونزع غريزة الأثرة والتملك والتفوق من البشر. وباءت جميع الحلول المطروحة بالفشل. وكان نابليون قد اكتشف، بعدما خاض ستين معركة ضد جميع القوى الإمبراطورية من حوله، بريطانيا وتركيا والنمسا وروسيا، أن ثمة ثلاثة أشياء تربح الحرب، هي المال أولا، والمال ثانيا، والمال ثالثا. ترك ماركس كل مباهج الحياة من أجل أن يقارع المال. وانتهى إلى تمثال نصفي في لندن وشارع باسمه في برلين. إذ بعد توحيد المدينة وتوحيد ألمانيا، أراد الرأسماليون الرابحون أن يغيروا اسم لنين فوق إحدى الجادات الرئيسية. ولكي لا يتهموا بالثأرية والانتقام والعصبية الرأسمالية، أنزلوا اسم لنين ورفعوا مكانه اسم مواطنهم كارل، الذي هجرهم إلى لندن. ولم يشفع في بقاء لنين ما قيل وكتب منذ عقود، وهو أن ألمانيا الإمبراطورية مدت إليه يد المساعدة من أجل تفكيك الإمبراطورية الروسية، وما تحاربت قوتان بالضراوة والوحشية التي تقاتلت بهما روسيا وألمانيا. ومع ذلك عندما سقط الاتحاد السوفياتي لم يقدم أحد المساعدات إلى الروس، كما فعلت ألمانيا. وأيضا إلى بقية دول أوروبا الشرقية التي محقتها خلال الحرب العالمية الثانية. نعود إلى السؤال: هل قرأ ماركس أبو العيناء؟ طبعا لا. لكن عن قصيدة أبو العيناء الشائعة، تذكروا جنابكم ماذا يقول:

من كان يملك درهمين تعلمت

شفتاه أنواع الكلام فقالا

وتقدم الفصحاء فاستمعوا له

ورأيته بين الورى مختالا

لولا دراهمه التي في كيسه

لرأيته شر البرية حالا

إن الغني إذا تكلم كاذبا

قالوا صدقت وما نطقت محالا

وإذا الفقير أصاب قالوا لم يُصِب

وكذبت يا هذا وقلت ضلالا

إن الدراهم في المواطن كلها

تكسو الرجال مهابة وجلالا

فهي اللسان لمن أراد فصاحة

وهي السلاح لمن أراد قتالا