كيف نركز جيدا في الحوار؟

TT

تردني أسئلة كثيرة تشتكي ضعف المقدرة على التركيز جيدا في أثناء الحوار. مشكلة تشتت الانتباه، أو ضعف التركيز، أثناء الحوار تحرج صاحبها، خصوصا حينما يباغته مديره في العمل أو زميله أو صديقه، فيطلب رأيه أو تعليقه، ليفاجأ بأن مستمعه في واد والحوار في واد آخر! وما أكثر ما يفوتنا من معلومات وقصص مهمة، وربما أحاديث طريفة وممتعة بسبب ضعف تركيزنا.

سألت د.خالد الصبيح، الأستاذ المشارك في كلية الطب في جامعة الكويت، والطبيب والاستشاري في الأنف والأذن والحنجرة، في اتصال هاتفي عن هذه المشكلة، فقال إن «عدم التركيز أثناء الحوار له أسباب كثيرة، منها أن شرب كمية غير كافية من الماء قد يؤدي إلى ضعف التركيز الذهني، ويفعل ذلك أيضا الصداع والإمساك والغازات، وأي آلام داخلية أو خارجية في جسم الإنسان». وقال إن عدم التركيز أو ما سماه بـ«تشتيت الانتباه» (Distraction) هو أمر شائع لدى الناس، وسببه «انسداد جزئي في الأنف نتيجة تضخم في الأغشية، الأمر الذي يؤدي إعاقة عملية التنفس بصورة طبيعية، فيثقل معه الرأس ويقل التركيز». ودعا إلى مراجعة الطبيب للتأكد من مدى الحاجة إلى إجراء عملية جراحية لتوسيع مجرى الهواء في الأنف للتمتع بتنفس مريح أثناء الحوار.

وينصح د.الصبيح من يعاني تشتت الانتباه أثناء الاجتماعات أو اللقاءات العامة، بأن يمارس رياضة معينة، «فالرياضة تخرج التشويش من جسم الإنسان، وتعيد إليه توازنه». وقدم تمرينا عمليا، وهو «الاسترخاء لمدة 5 دقائق قبيل موعد عقد الاجتماع أو اللقاء المهم»، لأن ذلك يعد بمثابة «إعادة شحن للطاقة (recharging) ويرفع معدل التركيز». ويكون الاسترخاء «بجلسة مريحة، وبإغماض العينين والامتناع عن التفكير كلية».

وتجدر الإشارة إلى أن عملية التركيز الذهني ذات صلة وثيقة بكمية الأكسجين المتوافرة في دماغ الإنسان، فهناك علاقة طردية بينهما، فكلما قل الأكسجين في الدماغ، قل معه تركيز الذهن أثناء الإصغاء أو القراءة، أو غيرهما من أنشطة ذهنية. وتؤكد المحللة النفسية، فيرا بيفر، مؤلفة الكتاب الشهير «الراحة التامة من التوتر» (Total Stress Relief) أن «نصف المشكلة المتعلقة بالتوتر وعدم القدرة على التركيز السليم يكمن في أنك لا تتنفس بعمق كاف يسمح بإمداد مخك بقدر كافٍ من الأكسجين». وعليه، يمكن للقارئ أن يشاهد في مواقع الإنترنت، مثل youtube.com، تمارين التنفس أو (Breathing Exercises).

ومعلوم أن كمية كبيرة من الطعام تؤدي إلى زيادة تدفق الأكسجين عبر الدم إلى المعدة، التي تحتاج إليه لتتم عملية هضم الطعام. وهذه العملية تؤدي إلى تقليل الأكسجين في منطقة الدماغ، الأمر الذي يسبب شعورا بالنعاس، وانخفاض المقدرة على التركيز. ولذا، ينصح بتجنب الأكل الكثير قبل حضور موعد مهم حتى يكون تركيزنا مرتفعا، وعليه فإن تناول وجبات صغيرة بين الوجبات الثلاث الرئيسية يساعد على تجنب الوقوع في ذلك.

والحصول على قسط كاف من النوم يسهم في تقليل تشتت الانتباه. وينصح بعض الأطباء بالنوم لمدة 7 ساعات يوميا تقريبا، حتى يرتاح الجسم والدماغ وينعما بالتركيز المطلوب.

ومما يرفع التركيز حجب المكالمات الهاتفية والرسائل أثناء الاجتماعات أو اللقاءات الاجتماعية المهمة، والتواصل العيني مع المتحدث، والإصغاء إليه جيدا كأنه أهم إنسان في القاعة بقصد فهم مراده، فضلا عن التفاعل معه بطرح الأسئلة في الوقت المناسب.

معالجة تشتت الانتباه أو ضعف التركيز في أثناء الحوار أمر في غاية الأهمية، وفي متناولنا جميعا باتباع الحلول المذكورة آنفا، حتى ننعم بمقدرة كبيرة على التركيز في كل يتناهى إلى أسماعنا من أفكار ومعلومات مهمة.

[email protected]