أمن دبي

TT

تعرضت دبي لثلاثة امتحانات أمنية: الأول، عندما اقتحمت سيارة رباعية مجمعا تجاريا وخرج أصحابها بكمية من المجوهرات في عملية تشبه سرقات شيكاغو. وبعد يومين قبض على العصابة قبل سفر أصحابها. الامتحان الثاني كان اغتيال سوزان تميم. وبعد أيام سمي القاتل والمحرض. والامتحان الثالث اغتيال القيادي الفلسطيني المبحوح، وقد تم نشر صور القتلة.

ثمة قاسمان مشتركان في هذه الأحداث: الأول، قائد شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان. هذا الرجل استطاع أن يجعل الأمن يواكب التوسع. ومثلما بدأ كل شيء آخر في دبي، من نقطة متواضعة، هكذا بدأت قوة الشرطة، التي منحت الإمارة سمعة أمنية شبه تامة. ويعود لهذا الرجل، البالغ التواضع والمعروف بكنيته الأهلية «أبا فارس» بدل الألقاب والسترات العسكرية، يعود إليه تأسيس وتطوير الأمن.

القاسم المشترك الثاني، هو التكنولوجيا في مواجهة الجريمة. ففي الامتحانات، أو المحن الثلاث، التي مرت بها دبي، التقطت الكاميرات الموزعة في كل مكان، شرائط مفصلة للمرتكبين.  يذكرني هذا بيوم ذهب أحد زملائنا إلى لندن قبل حين، وكتب يتذمر من أنها مدينة مليئة بالكاميرات. اعتقد الزميل، كونه عربيا، أن الكاميرات هي لالتقاط الأنفاس وتسجيل تحركات المعارضين وطبعا الموالين. لكن الكاميرات لم تغير أنملة في مستوى الحريات المدنية. كل ما فعلته أنها ساعدت الشرطة على ملاحقة الجريمة والإرهاب وحاملي القنابل إلى الباصات في أكياس ورقية.

اعتمدت دبي، التي تضم 225 لغة، أحدث وسائل المراقبة الإلكترونية. ومثل هذا النوع لا يتعرض للحريات الشخصية، لكنه يستهدف فقط المخالفين والمجرمين. وليس من وسيلة أخرى في إمارة تضاعف عدد سكانها عشرات المرات ويستقبل مطارها ملايين المسافرين من أنحاء الأرض. ولكن شرطة دبي لم توزع فقط الآلات بل أظهرت مهارة مذهلة في استخدامها وتحليلها. وفي حين ضبط محسن السكري باستخدامه بطاقة ائتمان (على الحساب)، حاول قتلة القيادي الفلسطيني استخدام النقد، احتياطا، لكنهم ضبطوا جميعا كذلك. الأمن بالنسبة إلى دبي، كالساعة بالنسبة لسويسرا: لا مجال للتفريط بثانية واحدة.

وآخر ما تريده دبي أن تتحول إلى ساحة لسواها، من الجريمة الفردية التي أودت بسوزان تميم على نحو همجي وحشي، إلى الجريمة السياسية التي اعتقد أصحابها أنها مُحكمة، في اغتيال المبحوح. لكن تبين أنها ليست مُحكمة على الإطلاق. وهذه أول مرة في الذاكرة تعرض صورة عشرة مرتكبين شاركوا في جريمة واحدة. وإن كان ذلك يعني شيئا فمدى أهمية القيادي الذي لا يفهم أحد لماذا سافر دون حراسة أو لماذا لم يطلب حماية السلطات.