دبي وحماس و«العنصر القاتل»

TT

دخلت عملية اغتيال محمود المبحوح في دبي فصلا دراميا جديدا، فبعد اتهام قائد شرطة دبي للموساد الإسرائيلي بالوقوف خلف تصفية المبحوح، والكشف عن تفاصيل مهمة، من صور، وجوازات، استخدمت في عملية الاغتيال، باتت القصة ذات أبعاد دولية متشابكة من بريطانيا إلى فرنسا مرورا بألمانيا.

الجديد اليوم هو ما كشفه قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان عن أن هناك عميلا من داخل حماس يملك معلومات عن تحركات المبحوح في دبي وقام بتسريبها إلى الموساد، ووصف خلفان ذلك العميل بأنه «العنصر القاتل». تصريحات قائد شرطة دبي بمقدار ما أعطت قصة اغتيال المبحوح بعدا دراميا آخر، فإنها تمثل «ورطة» حقيقية.

فمنذ وقوع جريمة الاغتيال في دبي هناك عملية إطراء كبيرة، ومستمرة للدور الأمني الذي قامت به السلطات الأمنية لإمارة دبي في الكشف عن تفاصيل مهمة ومفصلية، في فترة وجيزة، وهذا أمر مستحق دون شك، حتى أن القيادي بحماس، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، موسى أبو مرزوق، كان قد أثنى على الجهود التي يبذلها أمن دبي واصفا إياها بالعمل «الاستثنائي والمميز»، الذي استطاع إرباك الخطة الصهيونية. وبدوره قال الناطق باسم حماس سامي أبو زهري إن الحركة تسجل تقديرها الكبير للدور الذي تبذله دبي في التحقيقات وتطالبها بالاستمرار فيه حتى اعتقال الجناة.

وبالطبع لم توفر حماس خصومها في فتح، حيث اتهمت السلطة، واتهمت محمد دحلان بالتواطؤ في عملية اغتيال المبحوح، كما لاحظنا ربكة لافتة للنظر عندما قال قيادي في حماس إن المبحوح كان قد اتصل بشقيقه قبل السفر إلى دبي، وأخبره بسفره ومقر إقامته، إلا أن العائلة سارعت بنفي هذه المعلومات بشكل حاسم، أما حماس فترفض اليوم ما قاله قائد شرطة دبي عن تورط عميل داخلي من حماس في عملية اغتيال المبحوح، كما ترفض مطالب خلفان بضرورة أن تسارع حماس بإجراء تحقيق داخلي، على الرغم من أنه قد سبق لخالد مشعل التصريح قبل أيام بأن حركته تجري «تحقيقات داخلية، بقرار داخلي وبإجراءاتنا الداخلية»!

ولذا فإن «الورطة» الحقيقية اليوم هي كيفية تعامل حماس مع المعلومات التي قدمها قائد شرطة دبي حول أن عميلا في حماس سرب معلومات للموساد، خصوصا بعد إشادتها بشرطة دبي، وبعد أن أخذت قصة الاغتيال بعدا دوليا حوّلها إلى واحدة من أهم القصص اليوم.

والنقطة الأخرى التي نستخلصها من اغتيال المبحوح، في حال انتهى الأمر فعليا إلى ثبوت وجود عميل للموساد في حماس، هي ماذا عن عمليات الاغتيال الحساسة التي وقعت مؤخرا بحق شخصيات تتعقبها إسرائيل، مثل اغتيال عماد مغنية، فهل كانت بسبب خلافات داخلية، مثلا، أدت إلى تسريب معلومات للموساد للتخلص من تلك الشخصيات، أم أنها فقط عملية اختراق قام بها الموساد؟ فالصوت العالي دائما ما يشي بأن خلف الأكمة ما خلفها، كما يقال، ولذا دعونا نراقب، فالواضح أن فصول عملية اغتيال المبحوح لم تنته بعد، وفيها المزيد من الإثارة، والمفاجآت!

[email protected]