الكائنات الخمسة التي تدخل الجنة

TT

تسلط علي بأسئلته الكارثية وكأنه يريد أن يختبر ثقافتي وفطنتي، ويستعرض معها هو أيضا ألمعيته وحضوره المعرفي الذي لا يضاهى، ولم يجد في هذه الدنيا الواسعة غير شخصي الضعيف ليمارس معه «ساديته» المفرطة.

سألني قائلا: ما هي الخمسة من الكائنات التي تدخل الجنة والتي لا هي من الإنس أو الجن أو الملائكة؟!

فأطرقت وشحذت زناد فكري، وما هي إلا دقائق حتى اعتقدت أن الله قد فتحها علي، فما كان مني إلا أن أهلل وأكبر وأرفع عقيرتي قائلا له: هي أصابع اليد الخمسة.

فرد علي باستهجان قائلا: أولا، الأصابع لدى أي إنسان ليست خمسة فقط، ولكنها عشرين إذا حسبنا أصابع اليدين والقدمين، وثانيا، هناك أصابع تدخل تلقائيا مع صاحبها الجنة، وأصابع «تتشعوط» مع صاحبها من أمثالك إن شاء الله في النار.

تبلمت قليلا وأخذت أعد أصابع يدي ووجدتها فعلا عشرة، ونظرت إلى قدمي محاولا خلع حذائي لأبدأ بالعد، فنهرني قائلا: توقف فأنا أعرف أن لديك فيها عشرة أصابع وليست عشرة حوافر.

الواقع أنني صدمت، ولكنني في نفس الوقت لم أيأس، وعاودت الإطراق والشحذ من جديد، ثم صحت به قائلا: أعتقد أنها عجائب الدنيا الخمس.

فأخذ يتأفف ويهز رأسه يمنة ويسرة وقال: من أي طينة أنت خلقت؟! قلت لك يا أخي إنها من الكائنات، هل تعرف ما هي الكائنات؟! ثم إن عجائب الدنيا هي «سبع» وليست خمسا، وكلها من الجمادات التي هي من شاكلتك.

فبادرته أنا بسؤال يحمل الكثير من الذكاء قائلا: ألا تعتقد أنها الغول والعنقاء والخل الوفي؟

فرد علي بحنق: لا حول ولا قوة إلا بالله، كم هي عدد هذه «الخرافات» التي ذكرتها أنت؟!

فتأسفت منه قائلا: إنها فعلا ثلاث وليست خمسا، وأرجوك أعطني فرصة من التفكير لأزيدها.

فقال: فرصة إيه وتفكير إيه وهباب إيه؟! إنني أنا الغلطان الذي أسأل إنسانا معاقا مثلك.

أخذت أستسمح منه قائلا: لا تزعل «امسحها في وجهي»، فجل من لا يخطئ.

قال: طبعا جل من لا يخطئ، ولكن هناك خطأ مقبولا، وخطأ لا يمكن حتى للحيوانات أن تقترفه.

اتجهت نحوه معتذرا وقائلا له: هات راسك علشان أبوسها. فمد يده على صدري يدفعني قائلا: ابتعد عني، لا تلمسني، لا أريدك أن تبوسني ولا أبوسك، إنك مثل «القنفذ» لا ينحضن ولا ينباس، أجب عن سؤالي من بعيد بالكلام فقط - هذا إذا كنت تحسن الكلام كبني آدم.

فعدت مرة أخرى لأشحذ زناد فكري، ولكنني شحذته هذه المرة بطريقة عنيفة أكثر من اللازم، فتمخضت عن وصولي لجواب غير متوقع، فقلت له مبتهجا: لقد وجدتها، وجدتها إنها الصلوات الخمس.

فرد علي بهدوء وقد اكتسى الحزن واليأس ملامح وجهه وقال: صحيح أن الصلوات الصادقة هي التي تسهم في دخول الإنسان للجنة، ولكن يا أخي يا حبيبي يا غبي، إن سؤالي كان واضحا حتى للأعمى، إنني ذكرت لك أنها «كائنات».. هل أنت من الكائنات؟! إنني أشك في ذلك.

عندها رفعت راية الاستسلام وقلت له: لقد غلب حماري يا شيخ، فنورني الله ينور عليك.

فقال: اسمع يا متخلف: إن الكائنات الخمسة التي تدخل الجنة مع عباد الله الصالحين هي: ذئب يعقوب، وكلب أصحاب الكهف، ونملة سليمان، وناقة صالح، وحمار العزير، هل فهمت الآن يا (....)؟

عندها سطعت عبقريتي المتأخرة وقلت له: نسيت هدهد سليمان وحوت يونس.

فأعطاني «عرض أكتافه» مبتعدا ولم يجبني.

[email protected]