أوباما يقاتل أفضل من بوش؟

TT

يبدو أن الرئيس الأميركي أوباما يؤمن كثيرا بالحكمة الشهيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي الأسبق روزفلت «تحدث بهدوء، واحمل عصا غليظة، وسوف تذهب بعيدا»! فهذا ما يفعله أوباما إلى الآن.

من يراقب أوباما، منذ وصوله إلى البيت الأبيض، يجد أن الرجل قد جاء بخطاب مختلف عن سلفه الأسبق بوش، خطاب أكثر هدوءا. لكن السياسة بالطبع ليست علاقات عامة، بل لغة مصالح، وعلى أوباما، في الأول والأخير، خدمة مصالح بلاده. والواضح أن أوباما استطاع بهدوء ودبلوماسية تحقيق جل ما كان يريد بوش تحقيقه ولم يستطع، سواء في الإرهاب، أو إيران، أو العراق، أو أفغانستان، أو باكستان، وحتى سورية. فقد استخدم بوش لغة الأوامر، والانفعال، والتهديد، بينما كان أوباما على النقيض تماما، فجل من استمعت إليهم من المسؤولين العرب يقولون إن إدارة أوباما تستمع الآن أكثر مما تتكلم.

فقد استطاع أوباما، وبعد أن فوتت إيران فرصة اليد الممدودة، أن يشرع ببناء موقف دولي ضد طهران بهدف صياغة قرار من مجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على طهران، فها هي هيلاري كلينتون تقوم بما يشبه الحملة الانتخابية لحشد المجتمع الدولي ضد إيران، كما يطوف وكيلها للشؤون السياسية، ويليام بيرنز، بين العواصم للتوصل إلى صياغة لقرار العقوبات، ويكفي التذكير هنا بنجاح واشنطن في جلب روسيا إلى صفها ضد إيران، كما يبدو أن الصين ستنضم قريبا. ويلاحظ المتابع أيضا جنرالات واشنطن وهم يطوفون المنطقة محذرين بلغة متشددة من إيران، وها هو السفير الأميركي لدى العراق يقول بلغة قاسية إن «إيران أظهرت وجها حاقدا جدا». ويأتي كل هذا التشدد ضد إيران في وقت انفتحت فيه واشنطن على سورية، وذلك عكس توجه إدارة بوش السابقة تماما.

وفي معالجة الإرهاب، استطاعت إدارة أوباما، ووفق مقولة روزفلت نفسها «تحدث بهدوء، واحمل عصا غليظة..»، تحقيق نجاح واضح في ضبط التعاون الباكستاني مع واشنطن ضد طالبان، ناهيك عن عملية «مشترك» الضخمة؛ فقد حققت إدارة أوباما ما وصف بأنه «الضربة القاصمة»، وذلك باعتقال الرجل الثاني في طالبان الملا عبد الغني برادر، الذي شكل اعتقاله نقطة تحول بمعركة واشنطن ضد طالبان منذ قرابة 8 أعوام، إضافة إلى دزينة من الاعتقالات الأخرى بصفوف قيادات الحركة المتشددة، حيث بات التعاون بين أميركا وباكستان ذا فعالية عالية، وذلك بعد وعود، وتهديدات، أميركية لباكستان بتقديم مساعدات عسكرية، واقتصادية، والمساعدة في تخفيف التوترات مع الهند، شريطة عدم استخدام باكستان للمتطرفين لتحقيق أهداف سياسية. والأمر نفسه مع «القاعدة» في الصومال، واليمن، حيث سمحت إدارة أوباما بعدد من الهجمات ضد «القاعدة» أكثر مما سمحت به إدارة بوش في أعوامها الأخيرة.

لكن يبقى تحد آخر بالنسبة لأوباما، من وجهة نظر عربية، وهو عملية السلام. فهل يظهر أوباما وجها مختلفا بهذا الملف؟ وهل نعود لمقولة إن السلام يمر عبر إيران، أي بعد تسوية ملفها عسكريا، خصوصا أن السلام في منطقتنا لم يحدث إلا بعد نوازل كبرى!

سؤال يبدو أن لا إجابة له إلى الآن!

[email protected]