الرياض.. قصة ممتعة

TT

الحديث معروف، وليس بجديد، عن إنجازات التنمية في مدن الخليج العربي الجديدة، فالإشادة لا تتوقف حيال إنجازات «دبي» وبنيتها التحتية، من طرق ومبان ومطار وميناء وحدائق وصرف صحي وإنارة، وكذلك الأمر يكون حين الحديث عن شقيقتها «أبوظبي» وشوارعها ونسبة الخضرة في طرقها وحدائقها وكورنيشها الأخاذ ومبانيها المبهرة ومشاريعها الجديدة ومطارها المطور، وطبعا تنال «الدوحة» درجة مهمة من الثناء، بالحديث عن الجسور والأنفاق وسط البلد، المعاد تطويره، والأسواق والفنادق والمطار والميناء والمدينة الرياضية والمتحف الإسلامي والجامعات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى البحرين، بأسواقها ومرفأها المالي ومطارها. ولكن، وسط زحمة الحديث عن الجديد، ننسى قصة نجاح مبهرة، قصة نجاح قديمة وجديدة في آن واحد، والمقصود هنا الحديث عن العاصمة السعودية الرياض، وحجم التطور المذهل الذي حدث في هذه المدينة في حقبة بسيطة من الزمن. الرياض اليوم هي أطول مدينة في العالم، ويزيد طولها على الـ85 كيلومترا، وهو تحد إداري ليس بالقليل. ومثلها مثل المدن العملاقة، تتعامل الرياض مع التحديات والمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية بحسب الاحتياج، ولا يمكن التمعن في تجربة الرياض إلا بذكر ثلاث كلمات: سلمان، وقيادة، وتخطيط.

السعوديون عرفوا تخطيط المدن بشكل حقيقي ورؤية وواقع من خلال الهيئة العليا لتطوير الرياض، وهي نتاج فكر وثقافة صنعت توجها، تحول إلى واقع مدروس ودقيق من دون عواطف وعشوائيات وقرارات وليدة اللحظة. اهتم الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، بالتفاصيل، وهي مسألة فيها انعكاس دقيق لشخصيته، فحرص على الحفاظ على التراث من خلال مناطق انطلاق الهوية السعودية التاريخية، فعرف المواطن السعودي تاريخ بلاده من خلال الدرعية وحريملاء ومنطقة قصر الحكم، وغيرها، وحافظ على الماضي بقدر اهتمامه بالمستقبل، فكان للرياض أحدث شبكة من الطرق والجسور والأحياء الحديثة. واليوم تستعد لاستقبال أهم مشروع «مترو» للنقل الجماعي في منطقة الشرق الأوسط. الرياض لم تعد مجرد عاصمة سياسية، ولكنها رمز للحراك الاقتصادي والتنموي والمد الاجتماعي، فهي تمكنت من أن تكون نقطة جذب استثماري بامتياز، وذلك بتطوير متطلبات التنمية فيها، وأن تطور عناصر «جودة الحياة» من خدمات طبية ومدارس ومؤسسات خدمية مساندة أخرى. مستوى القطاع الخدمي المقدم في الرياض يعد من أفضل ما هو موجود في السعودية بحسب المعايير والرقابة المتبعة، وهي بذلك «تجبر» غيرها على اتباع الأسلوب نفسه بطريقة غبر مباشرة. الأمير سلمان لم يكتب «إنجازه» المبهر في الرياض في كتاب أو يروج له، لأن المسيرة لا تزال مستمرة. وما يقال عن الرياض المدينة لا بد أن يقال عن الرياض المحافظة بمدنها وقراها وباديتها، فالزلفي والخرج وشقراء والدوادمي والحوطة والحريق، وغيرها، شهود على ما أصاب المنطقة ككل من تطور إداري وتنموي لا يمكن أن يوصف إلا بالمهم واللافت. نعم دبي وأبوظبي والبحرين والدوحة قصص نجاح تستحق أن يشاد بها، ولكن ما حدث في العاصمة السعودية الرياض على يد أميرها «المختلف»، سلمان بن عبد العزيز، يبقى القصة الحضارية التنموية الأهم، وهي رواية ممتعة لم تنته فصولها بعد.

[email protected]