دولة.. قبل سقوط آخر

TT

أدلى وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير بتصريح دعا فيه «إلى إعلان سريع لقيام دولة فلسطينية والاعتراف بها فورا من قبل الأسرة الدولية، حتى قبل التفاوض على الحدود». المسيو كوشنير ليس معروفا بتصريحات من «النوع الثقيل»، بل العكس. وربما كان هذا «أثقل» كلام قاله مسؤول غربي في الوظيفة، وليس من قبيل التأييدات التي يوزعها المستر جورج غالاوي، أو نوعية المؤيدين اليتامى الذين في حاجة إلى من يؤيدهم.

يمثل كوشنير دولة كبرى هي عضو دائم في مجلس الأمن المحكم الإغلاق منذ الحرب العالمية الثانية. والمؤسف أن هذا الكلام الذي لا سابقة له، والذي قاله في مقابلة مع مجلة فرنسية عشية زيارة الرئيس محمود عباس للإليزيه، المؤسف أن هذا الكلام قيل في الوقت الذي كان فيه بعض السياسيين الفلسطينيين يعطي العالم صورة عن عدم الأهلية للدولة. مسؤول يعرض خدماته العارية، ومسؤول سابق يتعرى على التلفزيون الإسرائيلي في وقاحة منقطعة النظير. وفي كاليفورنيا يصدر كتاب لنجل أحد مؤسسي حماس (اعفونا من الاسم) يقول فيه، فيما يقول، إنه هو الذي سلم مروان البرغوثي للإسرائيليين. ونفتح صفحة أخرى فإذا الناطق الرسمي باسم حماس يقول، في وقار أيضا منقطع النظير، إن ما قاله قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، هو «مجرد تحليلات».

هزت المعلومات والصور والوثائق التي عرضتها دبي، العالم أجمع، وأثارت الإمارات عاصفة لم تثرها أي دولة عربية في وجه الجريمة الإسرائيلية المدبرة، ولقيت دبي ثناء من أنحاء العالم حول السرعة والطريقة التي عالجت بها قضية اغتيال القيادي الفلسطيني. وحده، ناطق باسم حماس، اختار أن يعتبر أن المسألة «مجرد تحليلات» لكي ينفي وجود خيانة داخلية.

وجه كوشنير ما قد يكون أول دعوة غربية لاعتراف عاجل بدولة فلسطينية، في الوقت الذي كانت فيه فتح وحماس تتبادلان تهم الخيانة والعمالة والمشاركة في الاغتيال، ببساطة منقطعة النظير. يقتل رجل في حجم المبحوح وتقدم دبي الصور وتوجه مذكرات الاعتقال إلى الإنتربول وتحتج بريطانيا وفرنسا وأيرلندا والاتحاد الأوروبي، ويقف الفلسطينيون، كل على شرفته، ويتهمون بعضهم بعضا. كبرى صحف العالم تدين إسرائيل وتستنكر الجريمة وتدعو إلى وقف هذا الأسلوب الخسيس والخارج على القانون، والفلسطينيون، ما بين غزة ورام الله، يستنكرون بعضهم بعضا. ويختار أحدهم التلفزيون الإسرائيلي لكي يتحدث عن فساد السلطة، كأنما ليس قعر الفساد ما يفعل وما يقول، أو كأنما ليس الفساد في أنه كان يمضي الوقت في تصوير العري أمام امرأة من أجل أن يعرضه في برنامج التعري أمام الإسرائيليين.

لا نريد أن نزيد على أسى وحزن ووجوم الشعب الفلسطيني الذي كان ذبيحة القدس فأصبح مذبوحا ما بين غزة ورام الله.