اتجاهات بوصلة بغداد

TT

كل البوصلات العربية متجهة الى الانتفاضة. ووحدها بوصلة بغداد تتجه الى الكويت والسعودية حيث يختلق النظام العراقي كل يوم حكاية جديدة اكثر سوءا من سابقتها، وباخراج رديء يتعارض مع كل عقل ومنطق.

منذ اسبوع اصدرت بغداد بيانا عن «تحرش» سعودي عسكري بالعراق على الحدود، وردت الرياض على الرواية العراقية بالتفاصيل. ويوم امس الاول تذكر النظام العراقي ان له مواطنين في منطقة رفحا السعودية، فكتب الى الجامعة العربية يطالب باستعادتهم بعد احدى عشرة سنة.

وحكاية العراقيين في رفحا قصة يعرفها الجميع، فهم افراد في الجيش العراقي رفضوا العودة الى العراق بعد حرب الخليج الثانية، وعدد كبير منهم وجد له ملجأ في العديد من الدول الاوروبية، وهم يرفضون العودة الى العراق، وستكون السعودية اول المستفيدين لو قرر هؤلاء العودة الى بغداد، لكنهم يرفضون ذلك لاسباب يعرفها القاصي والداني.

مشكلة العراق هي انه يريد ان يصدر ازمته التي خلقها بنفسه الى جيرانه، وتصدير الازمة اخذ شكل حرب طاحنة مجنونة مع ايران، ثم جريمته الثانية باحتلال الكويت، ثم رفضه كل مبادرة وجهد عربي مخلص قامت به معظم الدول العربية، بما فيها السعودية والكويت، لتهدئة الاجواء وخلق حالة جادة من التضامن العربي.

العراق يرفض التعاون مع الكويت بشأن الاسرى، ويتهرب من التزاماته الدولية برفضه حضور الاجتماعات التي تجري تحت اشراف الصليب الاحمر الدولي والتي تعقد على الحدود الكويتية العراقية. والعناد العراقي وصل الى درجة انكار معرفته بمكان جثة طيار حربي سعودي، ثم اعترف بوجودها، واحتاجت اعادتها احد عشر عاما، وكلنا يعرف تفاصيل ما حدث من امتهان للكرامة البشرية في هذه القضية.

العراق يتهم الكويت والسعودية بأنهما قواعد تستخدمها قوات التحالف لقصف العراق، وهو يعلم حجم حاملات الطائرات الاميركية في البحر، وهو يعلم حجم القواعد التركية التي تستخدم لهذا الغرض، ومع ذلك يصر على اتهام الكويت والسعودية، ويسكت عن وجود الجيش التركي بالآلاف في شمال العراق وباعلانات رسمية وبيانات تركية.

تصدير الازمة العراقي اصبح مسلسلا مكشوفا، ولكن خطورته في انه عمل منظم لتحويل الانظار عن الانتفاضة.