حتى أنت يا «غوغل»؟

TT

حسب بحث أجرته منظمة «آراب ميديا ووتش»، ومقرها لندن، فإن التتمات التي يقترحها محرك البحث «غوغل» لدى البحث عن كلمة «عرب» باللغة الإنجليزية مسيئة إلى العرب في غالبيتها.

وتضيف نتائج البحث الذي نشرت «بي بي سي» خبرا عنه أن التتمات التي يقترحها لك محرك البحث «غوغل» إذا وضعت كلمات بالإنجليزية عن العرب مثل: why Arab وغيرها من الكلمات، في غالبها تحمل نتائج سلبية ونمطية عن العرب، مثل أنهم: أغنياء، أو عنيفون جدا، أو أغبياء جدا.. وتتمات أخرى أكثر قبحا.

الخبر مزعج، وهو يغرف من مستنقع التنميط الذي تعاني منها صورة العربي أو المسلم في الخيال العالمي، ولا أفضل من الإنترنت لعكس هذه الخيالات بصورتها الطازجة دون مرورها بفلتر التهذيب الدبلوماسي.

نتحدث كثيرا عن ظلم الغرب لنا ورؤيتهم لنا بشكل قبيح ونمطي، وأن أفلامهم وأدبهم وأمثالهم، كلها مجرد «قولبة» لنا في صور قميئة.

في المقابل، قليل فينا من يشير إلى أن هذا سلوك ليس خاصا بالغرب، فنحن أيضا «ننمط» الآخرين ونجعل الغرب كله «ماخورا» أو سوقا للدعارة والمخدرات، وشوارعه مليئة بأبناء السفاح، ولا توجد أي قيم لديهم، وفنهم كله عبارة عن ترويج للفحشاء وإغراق للعرب في السفاهات حتى يخدروا العرب والمسلمين، كما كان كتيب جلال العالم الشهير «قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله» يصرخ بيننا، وكما يهتف بنا كثير من خطباء الفضائيات أو الجمع حافرين خنادق الكراهية بين بني البشر.

لدينا من يكره الاتصال الطبيعي بالبشر، ولدى الغرب كذلك من يفعل هذا، ويكره أن تخرج صورنا من «براويز» القولبة الكريهة. في النهاية: «عندنا وعندهم خير»، لكن خيرنا أكثر!

أليس الأجدى أن نقر بأن بيننا جماعات أو أفرادا يتصفون فعلا بأنهم «عنيفون جدا» كما جاء في إحدى نتائج البحث عن العرب الأكثر شيوعا في محرك «غوغل»؟

عنفهم ليس مقتصرا على حمل السلاح وزرع القنابل، بل إنه نسق عنيف من التفكير المغلق القاطع، وهذا العنف لا يعاني منه الغرب أو الشرق، بل يعاني منه أبناء المسلمين أنفسهم، وآخر هذه الأمثلة الفتوى «الرهيبة» التي أصدرها شيخ متعصب بقتل من يستحل «الاختلاط» لأنه مرتد عن الإسلام! هكذا بجرة قلم، ألغى الحوار الثري و«الفقهي» حول مفهوم الاختلاط وهو حوار شارك فيه أهل فقه وفكر.

هذه النماذج موجودة بيننا وفي كل المجتمعات العربية والمسلمة، بلا استثناء، وشيوخ التعصب يحظون بدعم خفي وعلني، من أجل ذلك فالأفضل أن نغير واقعنا الحقيقي فتتغير الصورة بشكل تلقائي، ويبقى دعاة الكراهية في الغرب لوحدهم لا يجدون عاقلا أو منصفا يصغي لهم وينمط العربي أو المسلم في صور جامدة.

ما سوى هذا من حديث عن كراهية الآخرين لنا، ليس سوى نياحة ولطم خدود وشق جيوب.

بكلمة: لا تتغير الصور إلا إذا تغيرت الحقائق..

[email protected]