كيف تسوّق نفسك في العمل؟

TT

كان أحد الأساتذة في الجامعة يشرح لطلبته أفكاره عن التسويق بطريقة مبسطة ومعبرة فقال: إذا رأيت فتاة جميلة في حفلة‏، فذهبت إليها وقلت: «أنا غني جدا، هل تتزوجينني؟»، فهذا هو «التسويق المباشر». وإذا كنت‏ في حفلة مع مجموعة من الأصدقاء ورأيت فتاة جميلة، فذهب إليها أحد أصدقائك وقال لها: «‏هو غني جدا تزوجيه»، فهذه هي «الدعاية». وإذا رأيت فتاة جميلة في حفلة، فذهبت إليها ‏وأخذت رقم هاتفها، ثم اتصلت بها في اليوم التالي وقلت: «أنا غني جدا، تزوجيني؟»، فهذا هو «التسويق عن بعد»!.

ويضيف الأستاذ إلى طلبته قائلا: وإذا كنت في حفلة ورأيت فتاة جميلة، فنهضت وعدلت ربطة ‏عنقك (أو شماغك وعقالك!)، ثم ذهبت إليها وقدمت لها بلطف عصيرا، وبعد انتهاء الحفلة أوصلتها إلى سيارتها ‏وفتحت لها الباب، وأوقعت حقيبتها عمدا فالتقطتها لها، وقلت: «بالمناسبة أنا غني، ‏هل تتزوجينني؟» فهذه هي «العلاقات العامة». أما إذا أتتك الفتاة بنفسها في الحفلة وقالت «أنت غني جدا، هل تتزوجني؟» فهذا يعني قبول أو اعتماد المنتج.

ويمضي الأستاذ قائلا: إذا رأيت فتاة حسناء في حفلة فذهبت إليها وقلت «أنا غني جدا.. تزوجيني»، فما كان منها إلا ‏أن ردت عليك بصفعة قوية على وجهك، فهذا هو رد فعل الزبون. وإذا رأيت فتاة جميلة في حفلة، فجلست إلى جانبها وقلت: «أنا غني جدا، تزوجيني»، فما كان منها إلا أن ‏قدمت لك زوجها الجالس إلى جانبها، فهذه هي «الفجوة بين العرض والطلب».

وإذا رأيت فتاة جميلة في حفلة، فتوجهت إليها، وقبل أن تنبس ببنت شفة سبقك شخص آخر وقال: «أنا غني هل تتزوجينني؟» ‏فذهبت معه وتركتك، فهذه هي «المنافسة التي تأكل من حصتك السوقية». أما إذا رأيت فتاة جميلة في حفلة، فذهبت ‏إليها وقبل أن تقول: «أنا غني، تزوجيني» باغتتك زوجتك فجأة بدخولها إلى القاعة!.. فماذا تسمون هذا؟ سكت الطلبة وهم ينظرون إلى أستاذهم في حيرة. فقال هذا ما يسمى بـ«معوقات ‏الدخول إلى أسواق جديدة»!

لا أقصد من هذه القصة «الغربية» الترويج إلى العلاقات المحرمة بين الجنسين، (حتى لا يهاجمني البعض تاركا مغزاها)، ولكنها ذكرتني بحال كثير من الناس الذين يخطئون في فهم الطريقة المثلى لتسويق أنفسهم في العمل، حينما يستخدم أحدهم أسلوب «التسويق المباشر» في مدح نفسه وإنجازاته بالعمل أمام مديره أو زملائه من دون مبرر مقنع، ناسيا أن ما يؤثر في الناس هو «التسويق غير المباشر» أو «الدعاية» التي تأتي من ثناء الآخرين على إنجازاتنا ومجهوداتنا. ومن هذه الصور المباشرة أيضا أن يقدم أحد سيرتنا الذاتية إلى شركة مهمة ويمتدحنا فتستقطبنا للعمل لديها. إذن فالعمل الجاد المنتج هو أفضل رسالة يوصلها المرء إلى الآخرين.

بعض القياديين وحتى الموظفين لديهم مقدرة كبيرة على تسويق أنفسهم من خلال بناء صورة ذهنية إيجابية عن أنفسهم وعن العاملين معهم عبر ممارسة «العلاقات العامة» الجيدة مع الآخرين، فهم يؤمنون بأنهم يتعاملون مع بشر تحركهم دوافع وانفعالات، ولذا فإن هؤلاء «الأذكياء اجتماعيا» يدركون كيف يستميلون قلوب الناس نحوهم - سواء كانوا زملاءهم أو عملاءهم - بسحر العلاقات الطيبة. ومهما كانت جهودنا جبارة في العمل ولم نتحل بهذا النوع من العلاقات الدبلوماسية فلن نجد من يهتم بنا وقت الحاجة، بل لربما يكون هؤلاء خصومنا أو أول من يفرح بفراقنا عندما يشمون خبر استقالتنا، ليس لسبب سوى أنهم صاروا يكرهوننا بسبب تعاملنا الفظ معهم.

يقول خبير أميركي مخضرم في التسويق، كنت أصغي إلى ندوته في سيارتي، إن وجودك «كمتخصص» بمجال معين على المواقع الاجتماعية مثل «فيس بوك» و«تويتر» وغيرهما هو بحد ذاته «تسويق غير مباشر لك ولإنجازاتك، لأن الناس لن تكف عن الحديث طواعية عنك مع الآخرين».

تسويق الإنسان لنفسه ينبع من جهده وإنتاجه وأسلوبه في التعامل مع الآخرين، فهو المستفيد أو المتضرر الأول والأخير.

[email protected]