سورية وإيران.. من يخدع من؟

TT

بينما قالت وزيرة الخارجية الأميركية إن بلادها طلبت من السوريين الابتعاد عن إيران، استقبل الرئيس السوري نظيره الإيراني بحفاوة في دمشق، واحتفلا بذكرى المولد النبوي، ووقعا اتفاقاً لإلغاء التأشيرات بين البلدين. فهل ما حدث بدمشق تحدٍ سوري لأميركا، أم مجرد إحراج علني، رداً على إحراج كلينتون لدمشق، خصوصاً أن تعليق الأسد على تصريحات كلينتون، جاء بتهكم واضح، حيث قال «التقينا اليوم لنوقع اتفاقية ابتعاد»، وتابع ضاحكاً «لكن بما أننا فهمنا الأمور خطأ ربما بسبب الترجمة أو محدودية الفهم فوقعنا اتفاقية إلغاء التأشيرات.. لا نعرف أكان هذا يتوافق مع ذاك»، مضيفاً «أتمنى من الآخرين ألا يعطوا دروساً عن منطقتنا وتاريخنا، نحن نحدد كيف تذهب الأمور».

تصريحات قوية، وقاسية، لكن إذا كانت دمشق هي التي تحدد كيف تذهب الأمور، وترى أن مصلحتها تكمن بتوطيد العلاقة مع طهران، فلماذا تطالب سورية، الأميركيين، وعلناً، للتدخل في المفاوضات مع إسرائيل، حيث سبق لوزير الخارجية السوري أن قال مؤخراً «تطبيع العلاقات السورية - الأميركية أمر مهم للغاية لبناء أرضية لنتوصل بيوم ما مع إسرائيل لمفاوضات مباشرة»؟

وإذا كانت دمشق توافق نجاد الذي شبه هيلاري بأم العروس، وإن كنا لا نعلم من العريس، على أن «الكيان الصهيوني في طريقه للزوال»، وأنه «سيقف بوجههم كل شعوب المنطقة، وفي مقدمتهم سورية ولبنان وإيران والعراق»، فلماذا تتعاون سورية أمنياً مع الأميركيين، وباعتراف واشنطن حيث انخفض عدد المقاتلين الأجانب المتوجهين للعراق، ولماذا هذا الخلاف الحاد بين دمشق وبغداد، طالما هم شركاء؟ وإذا كانت سورية شريكاً لطهران فكيف يفهم تصريح وليد المعلم حول القلق الدولي تجاه ملف إيران النووي، حيث عبر المعلم عن سعي بلاده «لإيجاد حوار بناء بين إيران والغرب يؤدي لحل سلمي»، يقوم على مبدأين؛ «حق إيران باستخدام الطاقة النووية لغايات سلمية»، و«أن تثق دول المنطقة بأنه ليس لدى إيران برنامج نووي عسكري»، وهذا تصريح لا يعني الوقوف مع طهران!

أمر محير فعلا، فإذا كان السوريون يريدون علاقات طبيعية مع أميركا، ويريدونها أن ترعى وساطة مع إسرائيل، فكيف يقاتلون في صف نجاد، ويوافقونه على محو إسرائيل؟ وكيف يثق نجاد بأن سورية شريك، ما دامت دمشق تتحدث عن سلام مع إسرائيل؟ وإذا كان التفاوض السوري مع إسرائيل مقبولا لإيران فلماذا تخوِّن طهران الآخرين؟

عربياً لا تعليق حول لقاء دمشق، أما أميركياً، فمصادري بواشنطن تقول إن تصريحات نجاد تظهر حجم توتر الإيرانيين، وقلقهم، من زيارة بيل بيرنز، وكيل الخارجية الأميركية، لسورية، بجولة شملت لبنان وتركيا، والمعلومات تقول إنها كانت لحشد الدعم لقرار فرض العقوبات على إيران، كما يعتقد الأميركيون أن تصريحات الأسد جاءت لتخفيف القلق الإيراني من زيارة بيرنز، وقرب توجه السفير الأميركي لدمشق.

وعليه فالسؤال هنا هو: من يخدع من؟ فهناك أمر لا يستقيم بعلاقة دمشق - طهران اليوم، فرفع الصوت يشي بأن هناك طرفاً متوتراً، وآخر يظهر عكس ما يخفي؟ دعونا نراقب!

[email protected]