عسكر وحرامية

TT

حينما كنا نلعب صغارا لعبة «عسكر وحرامية» التي تنقسم فيها مجموعة اللعب إلى فريقين، أحدهما يلعب دور العسكر، والآخر يلعب دور الحرامية، كانت اللعبة تنتهي دائما بانتصار العسكر على الحرامية، ومرت قافلة الأعوام وكبرنا لنكتشف أن الواقع يسير على قواعد اللعبة نفسها التي كنا نلعبها صغارا، ففي صراع الخير مع الشر، تكون الغلبة للخير في النهاية، ومهما تعقدت الجرائم وتنوعت يوفق الله للأمن رجالا قادرين على فك ألغازها والوصول إلى مرتكبيها، وازددت يقينا بهذه القناعة صباح الأربعاء الماضي، حينما كنت في زيارة لمدير شرطة جدة اللواء علي الغامدي، الرجل الذي استطاع أن يقود فريقه إلى تحقيق الكثير من المنجزات الأمنية في هذه المدينة المترامية الأطراف، المزدحمة بالسكان والأحياء والعشوائيات، وانتهت زيارتي لمكتبه بجولة في إدارة الأدلة الجنائية، وهي الإدارة التي لو علم المجرم بما تحويه من أجهزة ووسائل وأساليب، ومن تضم من الرجال الرائعين المدربين محليا ودوليا لفكر المجرم مليون مرة قبل ارتكاب جريمته، فليس ثمة مجال لكي ينفذ المجرم بجريمته.

وإذا كانت الأجهزة والأدوات العلمية الدقيقة الموجودة في إدارة الأدلة الجنائية تدعو الزائر إلى الإعجاب، فإن الإعجاب الأكبر يتمثل في المستوى الراقي الذي بلغه الضباط وصف الضباط الذين يتعاملون مع هذه الأجهزة، والذين هم ثمرة تعليم وتدريب مكثف جعل كفاءتهم تضاهي كفاءة الأجهزة الأمنية في الدول المتقدمة، وجميع هؤلاء الرجال يدينون لقادة البلاد في توفير هذه الفرص، التي جعلت منهم خبراء على المستوى العالمي في كشف مختلف أنواع الجريمة.

وفي وجوه الرجال الذين قابلتهم هناك يمكن أن تقرأ الكثير من الحكايات، والكثير من المنجزات، والكثير من الانتصارات، حتى لتلمح الثقة في الذات تشع من عيونهم، والإصرار على مكافحة الجريمة يغمر كيانهم، إنهم رجال عشقوا الوطن، ونذروا أنفسهم لحمايته، فبادلهم الوطن حبا بحب لتغدو صورة رجل الأمن مشرقة وبراقة في وجدان المجتمع وتفكيره وأحاديثه.

ومما هو جدير أن أختم به مقالي القول إن العلاقة التي تتسم بالتوتر في بعض دول العالم بين جهاز الأمن والمواطن نجدها هنا على نحو آخر، فلقد استطاع مهندس الأمن في بلادنا، الأمير نايف بن عبد العزيز، أن يؤصل لعلاقة إيجابية بين المواطن وجهاز أمنه تتمحور حول المواطنة والمسؤولية المشتركة، وهذا التأصيل ارتقى بالعلاقة تجاه آفاق واسعة من الثقة والاحترام والفهم المتبادل.

دمتم في أمان الله..

[email protected]