المالكي يعيد جيش صدام!

TT

في خضم التنافس الانتخابي الشرس في العراق، والتهم التي تكال لكل من ينافس حزب الدعوة ورئيس الوزراء العراقي، حيث يتم تصويرهم على أنهم بعثيون، ويريدون إعادة البعث للحكم، وهذا ما حدث بحق الدكتور إياد علاوي، وطارق الهاشمي، ناهيك عما فعلته هيئة اجتثاث البعث التي استهدفت قرابة 500 شخصية عراقية، ومن خلالها تم إقصاء صالح المطلك، زعيم جبهة الحوار الوطنية، من المشاركة في الانتخابات العراقية القادمة. بعد كل ذلك قررت حكومة نوري المالكي، وبكل بساطة، إعادة ما يقارب عشرين ألف ضابط من جيش صدام حسين للخدمة، وتنفي الحكومة أن يكون لهذا القرار أي علاقة بالانتخابات العراقية!

والقول بأن ليس لهذا القرار علاقة بالانتخابات، كلام لا يصدقه عقل، فمن الواضح أن قرار عودة ضباط جيش صدام هو لأهداف انتخابية بحتة. وإعادة الضباط ليس المؤشر الوحيد، فالجمعة الماضي قام المالكي بترديد أبيات من الشعر المناهض للطائفية أمام قرابة 600 من قادة العشائر في محافظة صلاح الدين، مسقط رأس صدام حسين. والسؤال هو لماذا تذكر المالكي ضباط جيش صدام اليوم؟

المؤشرات تقول إن الهدف هو تأمين أصوات انتخابية.. لكن هل يستفيد المالكي؟ يقول لي أحد المتابعين لأوضاع العراق: «أشك كثيرا في أن يستفيد المالكي من هذه الخطوة، فلا شيء يضمن أن يصوت الضباط له في نهاية المطاف»، إذ يرى المصدر أن إقصاء صالح المطلك، من قبل هيئة اجتثاث البعث، قد أضر كثيرا بحزب الدعوة، وائتلاف دولة القانون. ويقول المصدر: «باستبعاد المطلك أضر المالكي بنفسه كثيرا، إذ حصر نفسه بالأحزاب الشيعية التي تريد التخلص منه بأي شكل من الأشكال». والمعروف أن المالكي يواجه منافسين أقوياء في الجنوب الشيعي، وقد يحتاج إلى أصوات السنة، والأقليات الأخرى، للاحتفاظ بالسلطة، وهذا أمر صعب تحقيقه مع تصاعد فرص الكتلة العراقية التي يرأسها إياد علاوي، والتي عاد صالح المطلك - بعد قرار مقاطعة الانتخابات - إلى حث مريديه وأعوانه للتصويت بقوة دعما لها، وهي كتلة تضم أطيافا وطنية ذات أبعاد دينية وعلمانية هدفها استقرار العراق، ووحدته، واستقلالية قراره.

ولذا نقول إنه إذا كان من أمر مهم في إعادة ضباط جيش صدام، فإنها تمثل دليلا على أن أصحاب السلطة في العراق يريدون فعل المستحيل من أجل الحفاظ على سلطتهم، ولو قاموا بإعادة جيش صدام، وهذا يعني أن قرارهم القاضي بحرمان هؤلاء الضباط من العودة إلى الخدمة طوال هذه السنين لم يكن منصفا، كما رددوا على مدى السنين الماضية، ولم يكن لمصلحة العراق والعراقيين، بل كان من أجل تعزيز سطوتهم على الجيش والأمن في العراق.

كما أن قرار إعادة ضباط جيش صدام يعد دليلا على ضعف حجة متهمي علاوي والمطلك والهاشمي، وغيرهم، بأنهم يريدون عودة البعثيين، فأصحاب السلطة في العراق اليوم يعيدون جيش صدام فقط لضمان أصوات تدعمهم في الانتخابات، وهذا أمر يجب أن يستوعبه الناخب العراقي جيدا قبل أن يدلي بصوته في الانتخابات القادمة.

[email protected]