طهران.. هي حفلة صور

TT

كل ما شاهدناه يوم أمس في الصور القادمة من طهران عما وصف بأنه مؤتمر «التضامن الوطني والإسلامي من أجل مستقبل فلسطين»، والذي تم التحضير له منذ أسبوعين فقط، وافتتح من قبل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، لا يعدو أن يكون أكثر من حفلة صور من أجل خدمة أهداف إيران الدعائية في المنطقة، واستعراض لأدوات إيران في مواجهة كل من أميركا، على خلفية الملف النووي، أو الإسرائيليين، في ظل التصعيد الحاصل في المنطقة.

إيران لم تقدم شيئاً للقضية الفلسطينية سوى استغلالها دعائياً، والمتاجرة بها، وكذلك ترسيخ الفرقة بين الفلسطينيين، والدليل حرب غزة الأخيرة التي نصحت إيران فيها مواطنيها «المجاهدين» بعدم المشاركة فيها بحجة أن لا حدود لإيران مع غزة، هذا غير اكتفاء حزب الله يومها بالقيام بدور الميكرفون، لا أكثر ولا أقل، وعندما أراد التحرك تحرك في الأراضي المصرية! ومالياً، ورغم معاناة أهل غزة، فلم نسمع يوماً عن تبرع مالي سخي من قبل الإيرانيين لأهل غزة، خصوصاً أن الدمار الذي خلفه الاعتداء الإسرائيلي في غزة لا تزال أنقاضه على حالها، ولا تزال معاناة الناس مستمرة، وبشكل مزرٍ، ولذا فإن طهران تستغل القضية كقفاز لها، وسوف ترميه وقت أن تحقق أهدافها.

وبالطبع تستغل إيران حماس، وغيرها من الفصائل، لتحقيق أهدافها، طالما أن تلك الفصائل ليس لديها مانع في أن تتحول إلى أدوات بيد طهران، وعندما نقول أدوات فيكفي تأمل صورة خالد مشعل ورمضان شلح وهما يجلسان إلى جانب المرشد وقد خلعا نعليهما، بكل تذلل واستضعاف، وهذا أمر طبيعي؛ فقد رأينا قبلهما من خلع ربطة عنقه، في نفس المشهد!

وعندما نقول إن المؤتمر دعاية، وحفلة صور، فلا بد من التنبه لأمر مهم هنا، فجزء من مسمى المؤتمر هو «التضامن الوطني» أي التضامن الإيراني، خلف القضية، لكن في يوم المؤتمر نفسه صدر تصريح مهم للزعيم الإيراني المعارض مير حسين موسوي يقول فيه إن شرعية حكم المؤسسة الدينية بإيران تتراجع بسبب «إجراءاتها القمعية»، موضحاً أن «فصيلا ديكتاتوريا يحكم إيران».

بل ويصف موسوي حكومة نجاد بأنها «طائفة لا احترام لديها للمصالح الوطنية الإيرانية»، مضيفاً أن الحكومة «غير مؤهلة» للحكم، وأن «الأمة التي تواجه سياسة خارجية مغامرة وداعية إلى الحرب وسياسة اقتصادية مدمرة.. تريد التغيير».

وعليه فكيف يمكن لدولة منقسمة على نفسها، مثل إيران اليوم، وبهذا الشكل غير المسبوق منذ عهد الشاه، أن تخدم قضايا خارجية، مثل القضية الفلسطينية؟ أوليس من باب أولى أن تبادر قيادات إيران لخلق التضامن الوطني لنفسها أولا، وتقنع شعبها بسلامة منهجها وصواب إدارتها، ثم تسعى بعد ذلك من أجل خلق تضامن للقضية الفلسطينية في الداخل الإيراني؟

ولذا نقول إن مؤتمر طهران ليس إلا محاولة من أجل الهروب للأمام من قبل حكومة طهران، التي تعاني مشاكل داخلية حقيقية، كما أنه، أي المؤتمر، مجرد حفلة صور الهدف منها الدعاية السياسية، لا أكثر ولا أقل.

[email protected]