لماذا ردع دكتاتوريي إيران ممكن؟

TT

لدى سارة بالين مقترح حول الطريقة التي يمكن لباراك أوباما من خلالها إنقاذ رئاسته. قالت بالين على شبكة «فوكس نيوز»: «افترض أنه قرر إعلان الحرب على إيران. أعتقد أن الناس ربما يغيرون رأيهم قليلا، ويقولون إنه ربما يكون أكثر حزما مما نعتقد في الوقت الحالي». مرة أخرى، كانت بالين تقتبس هذه الفكرة من دانيال بايبس، وهو خبير من المحافظين الجدد مختص في شؤون الشرق الأوسط، أشار إلى أن توجيه ضربة عسكرية يمكن أن يغير من رصيد أوباما السياسي.

وفي الواقع، عزت بالين هذه الفكرة إلى باتريك بوكانان، لكن من الواضح أنها أساءت تماما فهم عمود بوكانان، الذي عارض اقتراح بايبس. لقد أصبح من المزعج الاستمرار في الإشارة إلى زلاتها المتعاقبة، لكن يبدو أن بالين تسعى وراء منصب الرئيس.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أطلقت تحذيرا بشأن «مخاوفها» من أن النظام الإيراني يتحرك صوب إنتاج أسلحة نووية، وليس امتلاك الطاقة النووية فحسب. لكن ذلك لا يغير من الحسابات القوية المعارضة لتوجيه ضربة عسكرية، التي على الأرجح ستؤجل البرنامج الإيراني لسنوات قليلة فقط. ثم إن هناك العواقب السياسية لهذه الضربة؛ التي تتمثل في أن النظام الحاكم سيحصل على التأييد، حيث سيحتشد عامة الإيرانيين لدعم بلادهم. وستضطر المعارضة إلى دعم الحكومة على ضوء الهجوم القادم من خارج البلاد. وسيقوم النظام الحاكم بإثارة وتمويل أعمال عنف من أفغانستان إلى العراق وعبر الخليج العربي. وسترتفع أسعار النفط ارتفاعا جنونيا، ومن المثير للسخرية أن ذلك سيساعد طهران على دفع ثمن جميع هذه العمليات.

وفي ظل امتلاك إيران للأسلحة النووية، فإنها ستشكل مصدر خطر، وستكون باعثا على زعزعة الاستقرار، على الرغم من أنني، على عكس الآخرين، لست مقتنعا بأنها ستضطر تلقائيا المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا إلى امتلاك الأسلحة النووية أيضا. وإذا كانت الترسانة النووية الإسرائيلية الضخمة لم تجعل مصر تسعى لامتلاك الأسلحة النووية – حتى على الرغم من أن هذه الدولة خاضت ثلاث حروب مع إسرائيل وخسرتها – فليس من الواضح بالنسبة إلي السبب الذي يجعل القنبلة النووية الإيرانية تفعل ذلك.

وينبغي للولايات المتحدة استغلال التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في تعزيز استراتيجية احتواء قوية ضد إيران، والتقريب بين الدول العربية المعتدلة وإسرائيل في إطار تحالف ضمني، ودفع دول أوروبية للمضي قدما في تحركاتها، ودفع روسيا والصين إلى المصادقة على العقوبات. وقال لي وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر، على شبكة «سي إن إن» إن الولايات المتحدة بمقدورها توسيع مظلتها النووية لتشمل إسرائيل ومصر ودول الخليج العربي، وهو ما لمحت إليه أيضا وزيرة الخارجية الحالية هيلاري كلينتون.

وفي الوقت نفسه، ينبغي لواشنطن دعم «الحركة الخضراء» في إيران، وهي التي تحمل في النهاية الأمل الأكبر في حدوث تغيير في التوجه الأساسي للسياسة الخارجية الإيرانية. ولا يزال من غير الواضح إلى أي مدى هذه الحركة المعارضة واسعة النطاق ومنظمة، ولكن كاستراتيجية طويلة المدى علينا تأييد الجماعات التي تريد إيرانا أكثر حداثة وانفتاحا.

هل بإمكاننا أن نتعايش مع إيران النووية؟ حسنا، إننا نتعايش الآن مع كوريا الشمالية النووية (التي يحاصرها جيرانها ويحتوونها). كما أننا تعايشنا مع الاتحاد السوفياتي النووي والصين الشيوعية. ويقال لنا إن إيران مختلفة. لا يمكن لترسانة الأسلحة النووية الأميركية الضخمة ردع هذه الدولة، لأنها تدار من جانب حفنة من رجال الدين الصوفيين الذين لا يفكرون بعقلانية، ويقبلون على الموت ولديهم كثير من الأوهام. لكن ذلك ليس وصفا دقيقا للنخبة الدينية الإيرانية (البراغماتية على نحو صارم)، ولم يكن ذلك وصفا دقيقا في يوم من الأيام.

وكان التطور الأخير والأكثر أهمية في إيران هو إزاحة هذه النخبة الدينية لصالح الحرس الثوري، وهي المنظمة العسكرية التي تعد الآن مركز القوة. وأكدت كلينتون على ذلك عندما حذرت من «الديكتاتورية العسكرية» الصاعدة هناك. ولست على يقين ما هو الأسوأ بالنسبة إلى الشعب الإيراني؛ حكم رجال دين مؤذيين أم حكم جنود بلطجية. لكننا نعرف ذلك: الأنظمة العسكرية تتسم بالمكر والحذر، حيث تتصرف بصورة تهدف إلى المحافظة على وجودها في السلطة. إن غريزة حفظ النفس هي ما سيؤدي إلى نجاح استراتيجية الاحتواء.

* خدمة «واشنطن بوست»