صورة القمة «النووية»..

TT

قد لا يكون ضربا من المبالغة أن يسرّب طرف سياسي معني إلى الصحافة وصف قمة دمشق الأخيرة بأنها قمة «نووية».

انشغل الجميع بتحليل ما جرى في سورية قبل أيام. التحليل غاص وتشعب في شكل ومضمون اللقاء والعشاء الذي خرق كل البروتوكولات والأعراف والتقاليد الرسمية.

سار رئيسا جمهوريتين إلى جانب رئيس حزب بدا كأنه الحاكم الفعلي للبنان.

أمام العدسات توسط الرئيس السوري بشار الأسد نظيره الإيراني أحمدي نجاد من جهة اليسار والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إلى يمينه بودّ وحفاوة واضعا الرجلين في مصفّ واحد. واستكمل المشهد بدعوة قادة «المقاومة» للمشاركة في العشاء التكريمي.

ورغم التهليل الذي واكب به الإعلام «الممانع» و«المقاوم» لأقطاب هذا المحور وما قابله من ضرب أخماس في أسداس في الإعلام الإسرائيلي حول الرسائل المراد تسريبها من اللقاء، فإن ذروة الاهتمام انصبَّت في الدرجة الأولى على الصورة التي جمعت الأقطاب الثلاثة. كأن المراد من اللقاء هو هذه الصورة بالدرجة الأولى، وهذا فعلا ما انعكس في اهتمام الإعلام العربي والإسرائيلي والعالمي. مرة جديدة يكون الإعلام وسيلة السياسة إلى الرأي العام لا العكس. فالرسالة تمثلت في أننا حيال قمة ثلاثية. تولت الصورة قول ذلك ولم يطرح الإعلام على نفسه مهمة التدقيق. ماذا يعني أن يجتمع رئيسا دولتين مع رئيس حزب من دولة ثالثة مصيرها مطروح بقوة في هذا اللقاء؟!

الأمر مثير للدهشة إذا ما طرح الإعلام على نفسه مهمة مساءلة الضيف والمضيف عن حقهما في ذلك. لكن ما غلب من أصداء عن اللقاء تمثل في ما يعنيه لجهة الدلالات السياسية لا في ما يعنيه لجهة مصادرة حق دولة ثالثة بالتمثل في اللقاء وفق مؤسساتها الدستورية.

طغت الصورة الثلاثية على كثير من الأخبار والتحليلات.

إنها صورة تم تظهيرها على النحو الذي جرى للردّ على كلام كثير سمعناه في الفترة الأخيرة.

إنها صورة للردّ على محاولات فصل المسارات.

من قال إن سورية في طريقها للانفكاك عن إيران قد بالغ ربما في قناعته وعليه اليوم أن يعيد قراءة التحالفات والاصطفافات على قاعدة جديدة.

فصل المسارات عنوان أُجبِرَ لبنان على دفع أثمان باهظة له في المرحلة الأخيرة، فهل ما زال هذا الشعار مرفوعا بعد الصورة «النووية»؟!.

هل تكفي الصورة الدمشقية للردّ على تهديدات إسرائيل بحرق لبنان بمدنييه وحكومته إذا ما اندلعت الحرب؟! قرأنا في الإعلام طمأنة من نجاد والأسد أن الردّ «الممانع» على اعتداءات الدولة العبرية سيكون شاملا ماحقا لها إذا ما اندلعت الحرب. الذاكرة القريبة تحمل ويلات تعجز صورة كتلك الواردة من دمشق على دحضها.

الخوف هو أن يكون الردّ «الممانع» في الحرب إذا اندلعت، على غرار ما حدث في حرب يوليو (تموز) من عام 2006 حين حاربت إيران وسورية إسرائيل حتى آخر قطرة دم لبنانية...

diana@ asharqalawsat.com