أمن الإنترنت.. مسؤولية من؟

TT

تشكل شبكة الإنترنت الآن موقعا مهما وأساسيا في حياة الأفراد والمجتمعات والدول، وقد ساعد على ذلك التطورات السريعة والمتزايدة فيها، والتي جعلتها تستخدم في الكثير من مجالات الحياة اليومية، ولهذا أصبحت هناك ضرورة عاجلة لتوفير إنترنت آمن، يوفر للجميع الخصوصية والحماية في الوقت نفسه.

وقد ازدادت مؤخرا جرائم الفضاء الإلكتروني من خلال تعرض الشبكات والمواقع الإلكترونية للكثير من الهجمات، وبخاصة استهداف بيانات الشركات وبيانات البطاقات الائتمانية، والبريد الإلكتروني، ومواقع شبكات التواصل الاجتماعية، بالإضافة إلى المخاطر التي تهدد النظم الكومبيوترية التجارية والعسكرية للدول، ومن هذه الهجمات مؤخرا تعرض محرك البحث الشهير «غوغل» في الصين لهجمات إلكترونية، وإعلانه إغلاق موقعه في الصين، الأمر الذي يعد دليلا واضحا على دقة القرصنة والهجمات الإلكترونية، والذي يفتح الباب مجددا لمناقشة قضية «أمن الإنترنت» وتحديد من المسؤول عنها.

فمع التطورات السريعة والمتزايدة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أصبحت شبكات الإنترنت أكثر تعقيدا، وتفتقر إلى التحصينات الضرورية واللازمة لمنع الاختراقات والهجمات والتهديدات الإلكترونية، التي تسبب أضرارا كبيرة للأفراد والدول على السواء، ففي خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، أصدرت شركة «ماكفي» (McAfee) - ومقرها في سانت كلارا في ولاية كاليفورنيا الأميركية والمتخصصة في إنتاج برامج إلكترونية لمكافحة فيروسات الإنترنت - تقريرا عن تخريب الإنترنت في العام الماضي، اعتمادا على مراقبتها لأكثر من 100 مليون كومبيوتر في 120 دولة، وأوضحت فيه أن عدد الكومبيوترات التي خربت خلال الربع الأخير من العام الماضي بلغ مليونا في كل من الولايات المتحدة والصين.

أمن شبكة الإنترنت من القضايا العالمية العاجلة التي تهم الجميع، وتتطلب التعامل معها بجدية، والمسؤولية عنها مشتركة بين مستخدميها من الأفراد والكثير من الجهات، والتي منها الجهات المزودة لخدمة الإنترنت من شركات ومؤسسات، وأيضا الحكومات ومدى التنسيق والتعاون الدولي، وبخاصة فيما يتعلق بالقوانين والتشريعات الصادرة بشأن القرصنة الإلكترونية ومدى تفعيلها. وقد بدأت الدول الاهتمام بأمن الإنترنت، ففي شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استحدث الرئيس الأميركي، أوباما، منصب منسق لأمن الإنترنت للتنسيق بين الجهود المختلفة في البلاد لردع أي هجمات عبر الإنترنت ومنعها ورصدها، والدفاع عن الإنترنت، وهناك الوكالة الأوروبية لأمن الشبكات والمعلومات (إنيسا) ومقرها اليونان، ومنتدى الأمن المعلوماتي ومقره لندن. ولا شك أن تضافر هذه الجهود الدولية سيجعل مواجهة تهديدات أمن الإنترنت أكثر قوة وصمودا.

مثلا على الجهات المزودة لخدمات الإنترنت أن تقوم دائما بتوفير إنترنت آمن للمستخدمين، من خلال إصلاح مواطن الضعف والعيوب التي يمكن أن يستخدمها قراصنة الإنترنت في تسديد هجماتهم الإلكترونية، ويجب على مستخدمي الإنترنت تحديث أنظمة وبرامج الحماية باستمرار، مع استخدام كلمات مرور مختلفة وأكثر أمانا، وتحديثها بانتظام للدخول والخروج من المواقع الإلكترونية.

الخلاصة حرب الفضاء الإلكتروني (Cyberwar) حقيقة واقعة وأمن الإنترنت مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع، وفي حاجة الآن إلى مبادرة دولية عاجلة فاعلة لتقوية وزيادة التعاون والتنسيق الدولي، واتخاذ الخطوات اللازمة لمنع ومواجهة التهديدات الأمنية التي تتعرض لها، واعتبار أن أي هجوم وتهديد على شبكات الإنترنت في أي دولة، بمثابة هجوم على شبكات الدول كلها، وتهديد لها، وبخاصة فيما يتعلق بقوانين وتشريعات مكافحة القرصنة الإلكترونية،

* باحثة مصرية في الشؤون العلمية