هل أعطى العرب «الغطاء» أم كشفوه؟

TT

أعطى العرب غطاء لمحمود عباس في القاهرة لمفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين سيقوم  جورج ميتشل فيها بدور الوسيط، لكن الإشكالية التي ظهرت بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب هي أن المتفقين لم يبرروا مواقفهم، كما أن المعترضين لم يكن لديهم حجة مقنعة.

يقول لي أحد النبهاء «هذا تفويض كان يجب أن يعطى في الستينات، وليس في عام 2010». ويقول أحد الدبلوماسيين العرب متشائماً إنها «مفاوضات على كيفية استئناف المفاوضات»! إلا أن وزير خارجية عربياً، حضر المؤتمر، يقول «بالعكس تماماً.. فهي مفاوضات جادة»، مضيفاً أن الهدف منها هو إعطاء شرعية لأبو مازن وسحب البساط من تحت المزايدين.

إلا أن من اللافت أيضاً ما قاله السيد عمرو موسى بأن العرب قرروا إعطاء الأميركيين مهلة أربعة أشهر وبعدها سيرى العرب ماذا هم فاعلون. والسؤال، مع تقديري واعتزازي بموسى، هو ما إذا كان العرب ينوون بعد ذلك احتلال واشنطن أم لا! هنا يرد الوزير العربي ضاحكاً: «الهدف من المهلة هو أن نجرب الأميركيين، وعلى ضوء مواقفهم قد تعطى مهلة أخرى»، مضيفاً أن الأميركيين يقولون «إنهم جادون وسيأتون بعرض متكامل، ولن ينتظروا لأربعة أشهر»!

في المقابل نجد أن السوريين يعترضون على التفويض العربي لعباس بحجة أن الفلسطيني ليس بحاجة إلى تفويض، وبوسعه اتخاذ قراره، والمغزى واضح؛ فالسوريون لا يريدون سابقة عربية كهذه، كما أنهم يريدون إعطاء شرعية لحماس لمهاجمة عباس، والسؤال هنا هو طالما أن السوريين يرون أن للفلسطينيين الحق في اتخاذ قراراتهم وحدهم فلماذا تتدخل دمشق في الشأن الفلسطيني أصلا؟

إلا أنه ورغم كل شيء فإن المأزق الذي وقع فيه العرب هو إسرافهم في انتقاد الآخرين، دون التنبه إلى أخطائهم، فإذا كان الانتقاد اليوم يوجه لواشنطن لأنها تراجعت عن عملية الضغط على الإسرائيليين لوقف بناء المستوطنات، وهذا صحيح تماماً، فلماذا ترك العرب الفرصة أصلا لنتنياهو لكي يحبط جهود أوباما، أو جهودهم، كما رفعوا الضغط عن الإسرائيليين حين تمسكوا بشرط وقف المستوطنات، علماً أننا رأينا أن المستوطنات لم تكن عقبة، مثلا، عند الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، كما أنها لم تجعل السوريين ييأسون إلى اليوم في حقهم باستعادة الجولان، وها هو وليد المعلم يقترح انسحاباً تدريجياً من المرتفعات على غرار اتفاق سيناء!

الخطأ العربي هو في سهولة الوقوع بالفخ الإسرائيلي، وأبسط مثال هنا رد المعلم على عرض نتنياهو بأنه مستعد لزيارة دمشق، فبدلا من إحراج نتنياهو، وكشف ألاعيبه، جاء الرد السوري مرتبكاً؛ فلو أن الرد السوري على نتنياهو كان: اعلن موافقتك على الانسحاب من الجولان على مراحل، أو مباشرة، وتفضل، أو نأتي إليك، حينها كنا سنقول: ضربة معلم! ويقول دبلوماسي عربي تعليقاً على ذلك «كانت هذه عبقرية السادات»!

الإشكالية اليوم التي لم ينتبه لها البعض هي عدم وجود أفق سياسي، مما سينشط سوق المزايدة، والمغامرين.

[email protected]