تكريم وتغيير

TT

عبده خال، الروائي السعودي المعروف، فاز بجائزة «بوكر» للآداب في نسختها العربية، وهي جائزة أدبية راقية وذات سمعة مهمة. وعبده خال روائي سعودي استثنائي يعتبر الأبرز في بلاده من ناحية المادة ونوعيتها وعمق الطرح. ونجح بسرد الجوانب المأساوية في الحياة الاجتماعية السعودية بصدق وعفوية. وعبده خال وحده مشروع أدبي وروائي بديع.

فالرجل النحيل القامة صاحب الضحكة الصادقة والجسد المعتل كان دائم المجاهدة في عموده الصحافي مبرزا فيه قضايا اجتماعية وثقافية واقتصادية، وتعرض هو شخصيا لهجوم مقنن ومنظم في مشاركات مختلفة بمحافل أدبية داخل بلاده، وكذلك تعرض لموجة انتقاد عنيفة خلال إصداراته الأدبية، وخصوصا ضد كتابه «فسوق»، الذي حقق مبيعات كبيرة، ربما يتم تحطيمها من خلال إصداره الروائي الأخير الفائز بالجائزة «ترمي بشرر» وهو يستحق الجائزة بلا شك لأنه روائي مميز ينضم إلى مجموعة من الروائيين السعوديين الكثيرين الذين برزوا على الساحة بشكل غزير، وإن كان الجانب «النوعي» يغيب ذكره ولذلك التميز من نصيب القلة من أمثال عبده خال ورجاء عالم، على سبيل المثال.

وفوز عبده خال يؤكد استمرار الحالة السعودية المكثفة في الساحة العربية؛ فالإعلام السعودي بقنواته الخاصة يحتل مكانة مميزة، وكذلك الإعلام الإلكتروني والمطبوع، والكتب الروائية السعودية بسهولة تحقق أعلى الأرقام في مبيعاتها. المطربون السعوديون مثل محمد عبده، وراشد الماجد، وعبد المجيد عبد الله، يحققون المبيعات الكبرى فنيا. الصوت العاقل في الخطاب الديني يخرج من السعودية من قبل سلمان العودة، وعائض القرني، وعبد الله فدعق، وقيس المبارك، وأحمد بن باز، وأحمد الشقيري. في عالم الأعمال قصص النجاح الكبرى معروفة من «سابك» و«أرامكو» و«دلة» و«الراجحي» و«بن لادن» و«عبد اللطيف جميل» وغيرهم باتوا رموزا استثمارية تتخطى الحدود الوطنية لتلقى القبول في المنطقة العربية بسهولة وجدارة.

في عالم الطب هناك أمثلة ناجحة مثل الدكتور عبد الله الربيعة بطل فصل التوائم، وخولة الكريع، وإلهام أبو الجدايل، ووليد بخاري، وغيرهم، وفي مهرجانات الإذاعة والتلفزيون كان التكريم واضحا للإنجازات السعودية، وأضرب مثالا بتكريم برنامج «إضاءات» للإعلامي المتألق تركي الدخيل الذي تحول برنامجه إلى كبسولات تشريح اجتماعي وثقافي لأهم الأفكار والشخصيات في المجتمع العربي عموما، والسعودي منه تحديدا، مخرجا الكثير من الشخصيات المثيرة من الصندوق الأسود الغامض التي كانت موجودة بداخله منذ زمن بعيد.

كل هذه الأحداث وغيرها تأتي في زمن يعترف العالم فيه بوزن السعودية وثقل قائدها ودوره المهم وهذا من شأنه أن ينعكس بثقة وجرعة من الدفع الإيجابي للمواطن السعودي أن يقدم على أداء دوره بنشاط وهو يرى بلاده تتغير والعالم يقدر ويعترف ويشيد ويكرم هذا التغيير الآتي من الحراك الهائل داخل المجتمع السعودي.

[email protected]