ملكة جمال البلاد العربية

TT

اللغة - أي لغة - إنما هي (كائن حي) يتطور ويتشكل ويتبدل مع الزمن، وها هي اللغة (اللاتينية) لم تعد قائمة ولا يفهمها إلا ذوو الاختصاص، وتحورت إلى عدة لغات منها الفرنسية والإيطالية والإسبانية والبرتغالية وغيرها، وهم يضيفون آلاف الكلمات الجديدة سنويا على قواميسهم، والقرآن الكريم هو الذي حفظ اللغة العربية الفصحى كما هي.

وأنا مثلا أستطيع أن أميز أي شخص يتحدث أمامي، فأعرف وأميز المصري عن السوداني، والسوري عن اللبناني، والمغربي عن التونسي، ولكن من قال إن أهل مصر يتحدثون بلهجة واحدة؟ فالصعيدي يختلف عن الإسكندراني، وأهل السويس يختلفون عن أهل أسوان، وهكذا وهكذا، وتلك الحقيقة تنطبق على كل المناطق والقبائل في كل بلد عربي، بل إن البيوت والأسر لها مفردات ولكنات فيما بينها تختلف عن الأسر الأخرى، ولا ينتبه لذلك إلا صاحب الاختصاص، ومن شاهد منكم فيلم (سيدتي الجميلة)، وكيف أن العالم (ركس هاريسون)، استطاع أن ينتشل الفتاة الفقيرة الوضيعة الجاهلة (أودري هيبورن)، ويعلمها الإتيكيت واللهجة (الأرستقراطية) لتدخل مجتمع (النفوريش) من أوسع أبوابه.

ولو أنه قدر لنا أن نستحضر رجلا عاش قبل (400 سنة) في الجزيرة العربية، وذهبنا به إلى الرياض أو صنعاء أو الكويت أو البحرين، وطلبنا منه أن يتفاهم مع السكان المعاصرين، فمن المشكوك أنه يستطيع أن يفهم كلامهم، ويصبح المسكين (كالأطرش بالزفة).

ولماذا نذهب بعيدا، فإلى وقت قريب - أي في الستينات والسبعينات الميلادية - كان من الصعب على المواطن الخليجي أن يتفاهم مع المواطن المغربي إلا بواسطة اللغة العربية الفصحى.

ولو أنك الآن أحضرت رجلا من (القريات)، وهي في أقصى شمال السعودية، وجمعته برجل آخر من (جازان)، وهي في أقصى الجنوب من السعودية، وطلبت منهما أن يتوصلا إلى حل لمشكلة معينة، إنني على يقين أنهما لن يتوصلا إلى حل، إن لم تتعقد المشكلة أكبر، لأن التفاهم بينهما يكاد يكون معدوما.

طبعا مع تطور وسائل الاتصال والسفر ومحطات التلفزيون بدأت تخف حواجز اللهجات، بل إن اللهجات نفسها بدأت تتداخل وتفرز مفردات جديدة، حسب التطور الطبيعي للغة ككائن حي.

وإليكم هذا الوصف القديم أو الصفات المستحبة في امرأة، وهي باللغة العربية الفصحى، وجاء فيها:

«أن تكون جارية غراء، كغزال مكسال، وكجؤذر صريمة، أو كدمية محراب، كأن نشرها ريافاره، وكأن ثناياها زهر في دمث، عنقها إبريق لجين، وصدرها فاثور فضة، وسالفتها سيف صقيل، وثديها حُق عاج، وشعرها كقوادم النسر.

لها بطن مطوي كأنه قبطي طومار مدمّج، لها كشح مجدول، وأفخاذ كأفخاذ البخاتي، كأنها خوط بان على نقا، وغصن دعص، تمشي كالوحِل كأن في أخمصها شوكا، كشحها كالجديل، وقذالها كعاطية الأراك، لها شارب كمخضر الريحان، كأن قدمها لسان حية، وريقها رضاب مسك ومشور ضرب، ضخمة مشاشة المنكب والعضد، عظيمة الركبة، تحملق عيناها ويحمر خداها وتربد شفتاها، غادة رؤد، وطفلة أملود».

ومن كانت قارئة من القارئات الكريمات تنطبق عليها تلك الصفات المثالية، فإنني أرشحها لأن تكون ملكة جمال البلاد العربية، ولا مانع عندي من أن أقوم بإلباسها التاج بيدي غير الكريمة.

[email protected]