غضب المرأة في الدارمي العراقي

TT

شعر الدارمي العراقي لا يتجاوز البيتين، وله إيقاع مقفى ونفَسه قصير ويحمل مشاعر الضجر والمعاناة واللوم، مما يجعلني أؤيد ما ذهب إليه زميلي د. هاشم العقابي من أنه شعر نسائي تصوغه المرأة العراقية الريفية في ساعات حنقها ووجعها.

فيه نقنقة المرأة كما يبدو لي كرجل. نرى الكثير منه يعبر تعبيرا مباشرا عن غضب المرأة على معشر الرجال وتحديها وتمردها. قالت:

ضيقة خلق بالبيت رجلي من اشوفه

صاحت علي الناس كنت ارد اعوفه!

لولا كلام الناس وضغط المجتمع لتركته وهربت. ولم لا تهرب وهو يتركها تكد وتتعب وهو منبطح نائما مرتاحا؟

الودر جاني ينام والشمس عدله

والله بكلب مجلوب أريد ابدله!

وتعود المرأة إلى هذه الظاهرة التي تشكو فيها معظم النساء من أزواجهن الذين يبدون كل معالم المرح والأنس والملاطفة وخفة الدم في مجالس الأصدقاء، ثم يعودون إلى بيوتهم فيخلدون إلى الصمت والضيق ويتجاهلون زوجاتهم.

علمني عالنسيان ارد انسى ضيمك

ويا غيري قمرة تصير بس حصتي همك

وتتجاوز امرأة أخرى كل الحدود في تعلقها بعشيقها على حساب زوجها الذي فرضوه عليها، وطفلها الجائع لرضاعتها. تخاطب صغيرها فتقول:

ضل ابكي ما خليك ترضع حليبي

انت وابوك تروح فدوة لحبيبي!

ومع ذلك فالزوج والزوجة شر لا بد منه، كما قال الحكماء. والكثير من الدارمي يعبر عن شوق المرأة إلى زوجها البعيد، ذلك الجندي في الجبهة، والمهاجر في الغربة، والملقى في السجون والمعتقلات. هموم الوحدة ووحشة الهجر:

عمت عين اللي قال بفراقك ارتاح

ابكي بسواد الليل حتى الرمش طاح

وتخاطب امرأة أخرى زوجها الطريح في المستشفى:

ريت الألم مو بيك يا ريته بيه

دونك اجر الموت باثنين ايديه

وتجلس الزوجة المهجورة وهي تعاتب هاجرها وتعبر عن حنينها إليه:

موحش يا بعد الروح قلبي اللي تركته

والدم صفى ونات والحسرة دقته