الديمقراطية في ذروتها

TT

بدأ مسار الديمقراطية في العراق بحل الجيش، وهكذا اطمأنت إسرائيل. وكانت الخطوة التالية وصول المستر بول بريمر بحذائه الرياضي الذي ينتعله المفوضون السامون الجدد. وعم الفرح مع الخطوة الثالثة، عندما ظهر بعد طول انتظار، أحمد الجلبي، محروسا بأطول قامات بين رجال رينير، وأعرضهم أكتافا.

المرحلة التالية من المسيرة الديمقراطية، بدأت في شوارع بغداد، نسف يومي منقطع النظير. ثم وصول شركة «هاليبرتون» لصاحبها ديك تشيني. ثم سرقة متحف بغداد. ثم هجرة بشرية لم يفقها في الحجم إلا هجرات زمن ديمقراطية صدام حسين. ثم بدأ بيع سلاح الجيش العراقي على أيدي أبطال التحرير وزعماء الديمقراطية والغيورين على وحدة العراق، المعروف أيضا باسم الدلع «التراب الوطني».

الخطوة الثالثة من الديمقراطية كانت محاكمات العدل والمساواة. صحيح أن الاسم مستعار من دارفور، لكن لا أحد أحسن من أحد. لا شيء أقل من العدل والمساواة في ظل تشيني وولفوفتز ورامسفلد والفريق العربي الذي جاء بهم إلى العراق. وتأكيدا للعدل والمساواة صدرت أوامر على ورق كوتشينة تطلب للعدالة والمساواة 50 شخصا. أدى قتل عدي وقصي إلى اختصار اللائحة. ثم أقيمت على عجل محكمة ملونة، بجميع ألوان القضاء والعدالة، كان الهدف الأول والأخير منها تمجيد محاكمة المهداوي، ابن خالة الزعيم الأوحد عبد الكريم قاسم، الذي كان يكتفي من المتهم بسماع اسمه الثلاثي، ثم ينهره إلى الإعدام وهو يردد، أي المعدوم، صوت الشعب وضمير الأمة: «ماكو زعيم إلا كريم».

الهدف الآخر من المحكمة المؤلفة من قفص حديدي، يشبه أقفاص حديقة الحيوان في أي مكان، كان إثارة العطف على قساة الأمس وأفظاظه. من علي الكيماوي، إلى الأخ سبعاوي، إلى المسكين طه ياسين رمضان الذي كان يعرف باسم طه الجزراوي، عندما كان صاحب محطة بنزين، وصحح اسمه، عندما نجح في «كيف يمكن للإنسان أن يكون نائبا لصدام حسين».

المرحلة الأخيرة من الديمقراطية في العراق هي الانتخابات النيابية التي لا تزال الصحف الأميركية تكتب عنها حتى الساعة. ماذا تفعل في هذه الحال؟ لا شيء. تنقطع موقتا عن قراءتها إلى أن تنتهي «همروجة» الديمقراطية في العراق.