عيد نسائي لا مثيل له!

TT

أعتذر عن غلطة وقعت فيها سنة 1959 عندما زرت ولاية كيرالا الهندية الجميلة. فقد جاء في كتابي «حول العالم في 200 يوم» أن الأمطار أغرقت العاصمة ترفندرم فتحولت الشوارع إلى قنوات من المياه المتدفقة.. وقد امتلأت المياه بالأفاعي المرعبة، وقد رحت أخوض في هذه المياه.. واندهشت كيف أن أكثر الخائفين من النساء، أما الرجال فقد ناموا أو لزموا البيوت مع أطفالهم. وقد كانت النساء يصرخن وقد حملن أشياءهن على الرأس والكتفين، ولم أجد أحدا أسأله، ورأيت أن الصورة واضحة وليست في حاجة إلى ترجمان..

وقد أشدت بأهل هذه الولاية الهندية وأنهم أعلى الهنود ثقافة وأكثرهم هجرة إلى دول الخليج العربي، وتعرفهم عندما تتكلم معهم بأنهم يهزون رؤوسهم يمينا وشمالا.فتسأله: أنت من كيرالا؟ فيهز رأسه يمينا وشمالا ضاحكا، فيسألك: كيف عرفت؟

والحقيقة كانت شيئا آخر.. ففي ذلك اليوم صادف عيد الإلهة اتوكالاما.. وهذا العيد خاص بالمرأة؛ تخرج من بيتها، فتتوقف الحياة تماما في المدينة.. لا بيع ولا شراء ولا رجل في الشارع. فهذه الإلهة هي راعية الصحة والعافية والوئام والسعادة الزوجية. تخرج النساء في ذلك الوقت بالألوف.. وفي هذا الأسبوع بالملايين ولمدة عشرة أيام..

ويصورن الإلهة بفتاة صغيرة باسمة على قلة الابتسامات على وجه الهنود.. فكل القارة الآسيوية تضحك عمالا على بطال وبلا مناسبة، إلا في الهند.

فكأن آسيا راحت تضحك نيابة عن الشعوب الهندية. وقد عرفنا فيما بعد أن هذه الكآبة ليست إلا روحا جادة، فتقدمت الهند أكثر من الشعوب الضاحكة، وتفوقت في العلوم على الأرض وفي الفضاء، وظهرت العبقرية الهندية في عالم المعلومات والبرمجيات..

وقد بلغت روعة العيد هذا العام لدرجة أن أعلنت مؤسسة «ناشيونال جيوغرافيك» الأميركية أنها سوف تنفرد بتصوير وتأريخ هذا العيد الذي ليس له نظير في العالم، فقد لاحظ علماء كثيرون ظهور زواحف وحشرات نادرة تحملها المياه في هذا العيد.. وهي فرصة للكاميرات والمؤرخين والأطباء، فهذه فرصة نادرة لعلماء الحيوان والنباتات والموسيقى.. والراغبين في الزواج أيضا، لأنه عيد الشابات؛ فالإلهة شابة جميلة!